"الأسعار لن تنهار.. إلا إذا عدنا للخيام مجددا" عبارة تختصر رأي التجار في السوق العقارية بالمملكة، إذ إنه في ظل تردد البنوك في تمويل القروض العقارية، واتساع الفجوة بين المعروض من الوحدات السكنية وحجم الطلب عليها، ما زالت أسعار العقارات تتسابق في تسجيل ارتفاعات متتالية. ورغم قرار مجلس الوزراء أول من أمس بإلغاء شرط تملك الأرض للحصول على قرض من صندوق التنمية العقارية، يرى عقاريون أن ذلك لن يكون له تأثير كبير على أسعار العقارات الحالية. وأشاروا في تصريحات إلى "الوطن" أمس إلى أنه من الممكن أن يعزز ذلك من حجم الطلب على الشقق السكنية التي تتراوح أسعارها في معدلات قريبة من قيمة القرض والبالغة 300 ألف ريال. مؤكدين أن القرار يسهّل على المواطنين الراغبين في امتلاك مسكن الحصول على القرض اللازم خصوصا محدودي الدخل. وما يعزز رأي التجار تواضع أرقام بعض برامج المؤسسات الحكومية المخصصة لدعم الراغبين في تملك مساكن خاصة إذ على سبيل المثال لم يستطع برنامج "مساكن" أن يمول منذ انطلاقته وحتى الآن سوى 600 شخص فقط. وفي هذا الإطار يؤكد مسؤول تنفيذي في أحد البنوك السعودية في تصريح إلى "الوطن" أمس أن أسعار المساكن مرتفعة في المملكة ولا تمكّن أصحاب الرواتب المحدودة من تملك مسكن. مرجعا سبب الارتفاع إلى غلاء قيمة الأراضي خلال الفترة الحالية. وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه: "تشهد الأراضي الفضاء في المملكة هذه الفترة عمليات مضاربة حادة رفعت الأسعار بنسب عالية وغير واقعية، وأتمنى أن تكون هنالك آلية جديدة للقضاء على هذه الممارسات الخاطئة". وأشار إلى أن البنوك لم تندفع بصورة كبيرة نحو محافظ التمويل العقاري خلال الفترة الماضية لأسباب عدة منها طول مدة العقد المتفق عليه للسداد لما يزيد عن 15 عاما، إضافة إلى مخاطر تحصيل قيمة القرض لأي سبب كان. وأوضح أن البنوك مازالت تركز على تمويل الأفراد من خلال القروض قصيرة المدى التي تتراوح مدة عقودها بين 4 و6 سنوات لسدادها. مشيرا إلى أن حصة التمويل العقاري من محافظ البنوك التمويلية خلال الفترة الماضية لم تتجاوز نسبة 20% من حجم التمويل المنفذ. وانتقد بحث بعض الأفراد الراغبين في امتلاك المساكن عن الأراضي ذات المساحات الكبيرة، وقال: "حينما يقدمون طلباتهم للبنوك، يتم رفضها لأنهم يطالبون بقرض عال مع محدودية رواتبهم الشهرية، لأنهم يبحثون في الأصل عن هذا التمويل العالي بسبب ارتفاع قيمة المسكن، نتيجة كبر حجم الأرض". وحول نظام الرهن العقاري ومدى تأثيره على البنوك المحلية قال: "تطبيق قانون الرهن العقاري في صالح البنوك المحلية ويزيد من طلبات الإقراض، ولكن يجب إيجاد أدوار خاصة من قبل المحاكم التنفيذية، حتى يمكن إنهاء إجراءات الإفراغ وكتابات العدل بشكل سريع". من جهته أكد رئيس مجلس إدارة شركة آل سعيدان للعقارات إبراهيم آل سعيدان في تصريح إلى "الوطن" أن حجم الطلب على المساكن في المملكة وفقا للإحصاءات المتاحة يزيد عن 200 ألف وحدة سنويا، وقال: "أتوقع أن الطلب أكثر من ذلك بكثير لأن معدل النمو السكاني في ارتفاع مستمر إضافة إلى أن نسبة الشباب من هؤلاء السكان في ارتفاع". وفي رده على سؤال عن متى ستنهار أسعار العقارات في المملكة؟ قال آل سعيدان :"إذا عدنا للخيام مجددا، من الممكن أن تتراجع أسعار العقارات". مبينا أن الطلب مازال عاليا ويحتاج إلى المعروض الكافي لسد الحاجة. وأرجع ارتفاع أسعار العقارات في المملكة إلى توقف المساهمات العقارية عن الطرح إضافة إلى انخفاض مستويات التمويل العقاري بشكل كامل، وقال: "النمو السكاني في ارتفاع لذلك الطلب يزيد ومن باب أولى أن تكون هنالك مساهمات عقارية يمكن من خلالها تطوير الأراضي وطرحها أمام المطورين والراغبين في بناء مساكنهم". وأكد أن قرار مجلس الوزراء الصادر أول من أمس بإلغاء شرط تملك الأرض عند التقدم بقرض لصندوق التنمية العقاري، يسهل على المواطنين الراغبين في امتلاك مسكن الحصول على القرض اللازم خصوصا محدودي الدخل منهم. مبينا أنه من الممكن أن يقود القرار إلى بحث بعض المتقدمين للقرض عن الشقق السكنية. وأوضح آل سعيدان أنه لا يمكن القول بانخفاض أسعار أراضي المنح نتيجة قرار مجلس الوزراء بإلغاء شرط تملك الأرض عند التقدم بطلب الإقراض لصندوق التنمية العقاري، وقال: "القرار لم يخص أراضي المنح فقط، وعلى العموم الأراضي التي تقع خارج النطاق العمراني لم يكن موافق عليها من قبل صندوق التنمية العقاري لإمكانية التمويل السكني عليها". وأكد رئيس اللجنة الوطنية في مجلس الغرف السعودية حمد علي الشويعر في تصريح إلى "الوطن" أن الصناديق الحكومية والقطاع الخاص لن يتمكنوا من سد الفجوة الحاصلة بين مستويات العرض خلال الفترة الحالية. مبينا أن الطلب الحالي أكثر من حجم المعروض. وقال الشويعر: "الصناديق الحكومية لوحدها لن تكفي لتوفير مساكن الراغبين في الحصول عليها إلا بمساندة القطاع الخاص الذي يفتقر للعديد من قنوات التمويل، إضافة إلى نقص القوانين النظامية الخاصة بحماية هذه القنوات". وفي هذا السياق أوضح مصدر في المؤسسة العامة للتقاعد في تصريح إلى "الوطن" أن برنامج "مساكن" موّل أكثر من 600 شخص من خلال حجم تمويل إجمالي بلغ نحو 360 مليون ريال؛ وذلك منذ انطلاقه وحتى الآن. مبينا أن البرنامج يتيح استلام المستفيد من البرنامج بعد استكمال متطلبات القرض في غضون أسبوعين كحد أعلى. وأشار إلى أن المؤسسة تعمل على تلبية طلبات منسوبيها ممن هم على رأس العمل والمتقاعدين من خلال هذا البرنامج. مشيرا إلى أنه يجب على طالبي القرض توفر الشروط اللازمة لتوفير السكن الملائم له كلا على حسب راتبه سواء كان على رأس العمل، أو كان متقاعدا.