عندما أقول مرض لا أعني بذلك أن من ازداد علماً في مجال من مجالات الحياة هو مريض لاسمح الله لأن العلم هو روح الإنسان فإذا توقف عن التعلم فهو في عداد الأحياء الأموات الذين لا فائدة منهم إطلاقاً. ما كنت أقصده في العنوان السابق هو ما نراه في وقتنا الحالي من التنافس الشرس الذي يصل لدرجة القتال بالواسطات على نيل الشهادات الجامعية العليا، طبعاً لو كان ذلك التنافس هو تنافساً للعلم والظفر بالأبحاث النادرة اللتي تعود نفعاً على الوطن والأمة كإنجاز علمي لكان الأمر مدعاة للفخر وأصبح المرض الذين ننعتهم به مرضاً حميداً وإدمان من نوع آخر... عندما نقول مرض فإننا نقصد أولئك الذين جعلوا من الشهادات العليا جسراً للمناصب الوهمية وصنعوا من أنفسهم أبطالاً خارقين في أوساط المجتمع .. عندما نقول مرض فإننا نحزن لأن الشهادات العليا التي الهدف منها البحث العلمي للتطوير والتقدم أصبحت أداة لهذا وذاك لنيل منصب متهالك لايسمن ولايغني من جوع ... عندما نقول مرض نقولها ونحن نتذكر أن في ألمانيا لا يحصلون على درجة الماجستير الا بعد سن الأربعين لأنهم مؤمنون بأن الشهادات العليا هي حصيلة جهد وتعب على المستوى المهني للوصول الى نتيجة مدعومة بالبراهين والتجارب والأبحاث وأن من يحصل على تلك الشهادة فإنه يحصل عليها تكريماً لجهدة وماقدمه لوطنه وليس للوصول الى وكالة وزارة أو إدارة تنفيذية ... عندما نقول مرض نقولها لأن التعليم انحصر لدينا على كسب لقمة العيش و ليس للتقدم والتطور والبناء لأن التعليم أخذ منحنى خطير سندفع ثمنه نحن لا أحد غيرنا ..والسبب هم أصحاب الهمم لتلك الشهادات الزائفة علمياً لأن الهدف منها ليس العلم وانما المنصب ... عندما نقول مرض لأننا لم نعد نفرق بين عالم ذي علم عظيم وبين متعالم يريد بتلك الشهادة الوصول لهدف ما .لأننا لم نعد نفرق بين الطريق لكسب لقمة العيش والطريق بين أنسان يريد كسب حروف العلم .. لم نعد نفهم أن الاحترام يمكن أن يكتسب بصفتك مواطناً شريفاً يخاف على دينه ووطنه وليس بالضرورة أن يُكتسب بشهادة مزيفه علمياً .. كلنا أمل في الأجيال القادمة أن تتعافى من ذلك المرض وتؤمن بأن الأنجاز سواءً كان علمياً أم مهنياً أو حتى عائلياً هو مايجعلك شخصاً ذا إنسانية وهو مايُكسبك الإحترام بجدارة وليس الوصول لمنصب زائف بشهادةٍ ذات علمٍ زائل ...