إذا استثنينا ظروف المرحلة الحالية، المتمثلة في الارتفاع المتتالي للأسعار، والازدياد في معدلات التخضم المصاحبة للنمو الاقتصادي القائم في المملكة، واستقطاب سوق الأسهم للسيولة المحلية لم يكن هناك في الواقع من مبرر جوهري للمعدلات المتواضعة في طرح وحدات سكنية معدة للتأجير في سوق الإسكان بالمملكة من قبل المستثمرين سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات سوى صعوبة تحصيل العائد الاستثماري من المستأجرين، حيث يتميز هذا السوق بعائد مجز يتراوح ما بين سبعة إلى عشرة في المائة إن لم يزد على ذلك في بعض الأحياء المتميزة. إن سوق الاستثمار في الوحدات السكنية المعدة للإيجار بالمملكة بالإضافة للعائد المجزي تصل الوحدات السكنية المستأجرة القائمة حالياً فيه إلى المليون وحدة سكنية، تمثل ما يزيد على 24% من إجمالي الوحدات السكنية المتوفرة في المملكة، ويبلغ حجم هذا السوق ما بين عشرة إلى خمسة عشر مليار ريال سنوياً كحد أدنى في حال افتراض متوسط إيجار متواضع للوحدة السكنية في كافة مناطق المملكة ضمن إطار هذا السوق، ولتعثر تحصيل بعض من تلك القيمة السوقية من قبل المستثمرين نجد ذلك الإحجام منهم عن طرح وحدات سكنية مخصصة لهذا الغرض والاستعاضة عنها إن تم ذلك بوحدات سكنية معدة للبيع. لقد تأسست خلال السنوات القليلة الماضية في المملكة بمبادرة من البنوك المحلية، وتحت إشراف مؤسسة النقد الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية، وذلك من أجل تقييم الملاءة المالية لمن يرغب في الخدمات المالية التي تقدم من تلك البنوك، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات قبل اتخاذ أي إجراء للتعامل مع من يرغب في تلك الخدمات، وقد توسع نطاق خدمات هذه الشركة منذ بدء ممارسة نشاطها في هذا المجال لتشمل عدداً من القطاعات الاقتصادية ذات العلاقة في المملكة، مثل قطاعات الاتصالات والاستثمار ووكلاء السيارات والتقسيط وتأجير السيارات ونحوها، ودور هذه الشركة في هذا الإطار هو جمع المعلومات الائتمانية من الأعضاء في الشركة من القطاعات المشار إليها بحيث يكون لكل مقترض سجل ائتماني لدى الشركة مستقل وثابت سواء كان شخصاً أو جهة اعتبارية، ويتم الرجوع لتلك السجلات عند طلب العضو في تلك الشركة الاستعلام عن الشخص أو الشركة أو المؤسسة التي تتقدم لطلب خدمة من بين الخدمات التي يقدمها ذلك العضو قبل منح المتقدم تلك الخدمة بهدف تقييم الملاءة المالية ومعرفة التاريخ الائتماني لطلب الخدمة والوقوف على جميع المخاطر التي سوف يتعرض لها مقدم الخدمة قبل قبول العلاقة بين الطرفين. إن هذا النوع من الخدمات التي تقدمها مثل هذه الشركة لحري في الواقع أن تمتد لتشمل قطاع تأجير الوحدات العقارية بوجه عام والسكنية على وجه الخصوص، سواء من قبل هذه الشركة أو شركات أخرى مشابهة لها تؤدي ذات الغرض للمكاتب العقارية التي تعمل في مجال إدارة الأملاك العقارية، وبالتالي للمستثمرين في مجال الوحدات العقارية ومنها السكنية المعدة للإيجار بحيث يمكن لها قبل توفير خدماتها للمستأجرين سواء كانوا أفراداً أو شركات أو مؤسسات أن تستعلم عن السجل الائتماني للمستأجر قبل أن توفر له خدمة تأجير الوحدة أو الوحدات السكنية التي يرغب في استئجارها، ومن ثم يمكن من خلال هذه الخدمة الحد بنسبة كبيرة من تعثر تحصيل الايجارات من المتسأجرين في المشاريع الاستثمرية المعدة لذلك، وتفادي أن تحال للمحاكم القضايا الكثيرة التي تتولى النظر فيها سنوياً ضمن هذا الإطار، وإيجاد وإشاعة مناخ الاطمئنان والثقة لدى المستثمرين في قطاع الاسكان لغرض التأجير في الحصول على العائد الذي يتطلعون إليه من استثماراتهم، وبالتالي تنامي تلك الاستثمرات للحد من الشح في عدد الوحدات السكنية المتوفرة للمواطنين والمقيمين. @أكاديمي وباحث في اقتصاديات التنمية الحضرية