سطرت الجهود الرسمية في المملكة منذ تأسيسها على يد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله تاريخاً من الإنجازات الاستثنائية في مجال الإسكان وتوفير السكن المناسب لجميع مواطنيها وصولاً بعهود أبنائه الذين حكموا وكان لهم نفس النهج التطويري مما جعل تلك الحقبه نموذجاً رائعاً أبهر كبرى الدول المتقدمة في مدى ضخامة حجم الإنجاز وتوفير البنية التحتية لتلك الأحياء السكنية بوقت قياسي وبشكل يضاهي ما تم عمله خلال عقود في دول أخرى جعلت من الأحياء السكنية السعودية مثالاً يحتذى لكثير من الدول النامية لعقود، ويخطئ كل من يعتقد أن الرغبة الحكومية في ما يخص الإنفاق على الإسكان بدء يقل أو خف حماسه هذه الأيام وإنما الأمر لم يعد بالسهولة السابقة حيث إن هناك العديد من المعطيات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لحلها قد تجعل حل أزمة الإسكان تتطلب مجموعة من الحلول الأخرى الهامة وليس كما كان الأمر عليه من توفير بنية تحتية وبناء مساكن فحسب حيث أصبح من الضروري أن يتم دراسة مجموعة من العوامل الهامة التي من دونها لا يمكن توفير السكن المناسب وهي: • البنية التحتية للمدن من شوارع ومرافق عامة وخدمات عامة كالماء والكهرباء وترحيل المخلفات والمواصلات العامة وصولاً بمناطق الدعم الغذائي لتوفير الغذاء لسكان تلك المدن يتطلب حجم أقصى معين لتلك المدن التي تضم هذه الأحياء ولا يمكن أن تتوسع أفقياً أو رأسياً بحجم يزيد عدد السكان عن الحجم المقبول عالميا مما قد يضر بهذه المدن • توزيع التنمية السكنية ليشمل لنطاق أوسع ليصل إلى مدن وقرى محيطة بالمدن الرئيسية لتخفيف الضغط عليها ولكي لا تصل لمرحلة اللا عودة في ما يخص حجم تكدس السكاني فيها • عمل أولويات في توزيع الإنفاق الحكومي على المناطق الأخرى لرفع مستواها لغرض توزيع الكثافة السكانية لتخفيف الضغط على تلك المدن وتشجيع ما يسمى الهجرة العكسية منها • خلق فرص معيشية مناسبة واقتصادية يستفيد منها قاطنو المدن الجديدة التي تنميها الدولة عبر بناء مشاريع حكومية فيها مثل إنشاء الجامعات والمدن الصناعية وغيرها من المشاريع الحكومية العملاقة. إن هذه المعطيات وغيرها تعتبر التحدي الأكبر للحكومات والتي تتطلب المزيد من الدراسات والبحوث والوقت لكي يكون الإنفاق الحكومي فيها فعالاً وناجحاً كما أنها تتطلب تضافر الجهود بين كل من القطاع الخاص والحكومي والمستهلك لتسريع نجاح تلك الخطط ولجعلها أكثر نفعاً لجميع المواطنين ولتقليل الأخطاء التي تكون فيها كارثية. وأختم بأن تلك التحديات والصعوبات التي تواجه صاحب القرار كبيرة فهو المسؤل عن حل أزمة الإسكان والتي لا يمكن أن تنفذ بشكل صحيح إلا بوضع الخطط المستقبلية طويلة المدى والتي تحتاج للكثير من الوقت قد تواجه بهجوم مباشر من قبل البعض بمختلف ثقافاتهم وخلفياتهم التعليمية وذلك لرغبتهم الملحة لمشاهدة نجاحات سريعة على أرض الواقع لتوفير مسكن لكل مواطن مما يتعارض مع أساسيات حل أزمة السكن الذي يحتاج إلى الوقت الكافي لوضع الخطط الاستراتيجية لكامل المناطق مما يضاعف المصاعب على صاحب القرار فمن جهة يريد أن يضع الخطط المناسبة لحل الأزمة بدون أخطاء استراتيجية ومن جهه أخرى يريد أن يرضي الجمهور الذي يريد نجاحاً سريعاً على أرض الواقع.