ها قد انقضى عامٌ دراسي آخر وأغلقت المدارس أبوابها وهي حزينة على فراق أبنائها وبناتها الذين كانوا يملأون فصولها وفسحها بالحياة، ولكن عزاءها أنها ستعود لتحتضنهم بعد فترة ليست بالبعيدة بإذن الله تعالى. ومع انتهاء الاختبارات نتمنى لجميع أبنائنا وبناتنا التوفيق والنجاح وأن يثابر المتفوقون على تفوقهم وأن يعوض المقصرون ما فاتهم في العام المقبل ليضمنوا لأنفسهم ووطنهم، بإذن الله تعالى، غداً واعداً ومستقبلاً زاهراً يبنونه بأيديهم وجدهم واجتهادهم. ولا شك أن العطلة الصيفية هي فرصة لإراحة أجساد وعقول الطلاب على ألا تتحول إلى كسل وخمول. وإن من أفضل الأمور والمتع البريئة لشغل أوقات الفراغ وسلامة الجسم والعقل هي ممارسة الرياضة بأنواعها وقد تكون أفضلها السباحة لأنها من الرياضات التي أوصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن نعلمها لأولادنا كما أنها متيسرة في بلادنا والحمد لله لتوفر أحواض السباحة في الأندية والمتنزهات والاستراحات وحتى في كثير من البيوت. ولكن للأسف الشديد تتحول هذه الرياضة الجميلة والتسلية المفيدة في بعض الأحيان إلى مأساة بشعة ووحش قاتل نتيجة لإهمال من الأهل أو قصور أنظمة الأمان والسلامة في بعض الأندية أو المتنزهات. فكم سمعنا قصصاً مؤلمة تدمع لها العيون وتدمى منها القلوب عن أطفال في عمر الزهور تعرضوا لحوادث غرق بسبب غفلة الكبار عنهم أو لأن أصحاب بعض المتنزهات أهملوا بقصد (توفير للمال) أو بغير قصد (بسبب الجهل) في تطبيق وسائل السلامة التي يفترض مراعاتها بكل دقة في مثل هذه الأماكن. ولقد استجابت فرق الهلال الأحمر التابعة لفرع منطقة الرياض لإحدى وعشرين حالة غرق في موسم الصيف الماضي وهو عدد ليس بالقليل سيما إذا عرفنا أن هناك الكثير من حالات الغرق تنقل إلى المستشفيات دون الاتصال على الهلال الأحمر. ولا بد أن نذكر هنا بأهمية أن يكون كل إنسان ملماً بمبادئ الإسعافات الأولية لأنه لا يدري متى يضطر إلى تطبيقها، فكم من نفس بشرية أنقذها الله تعالى وجعل السبب في وجود شخص قريب يجيد إجراءات الإسعاف الأولي. وتجدر الإشارة إلى أن إدارة التدريب التابعة لفرع جمعية الهلال الأحمر بمنطقة الرياض أبوابها مشرّعة للراغبين والراغبات في الالتحاق بدورات برنامج الأمير نايف للإسعافات الأولية الذي بدأ تنفيذه برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز (حفظه الله) منذ أكثر من سبع سنوات والتحق به حتى الآن في منطقة الرياض قرابة عشرين ألف مواطن وألفي مواطنة. وقد يكون من المفيد أن ننبه الأخ القارئ والأخت القارئة إلى بعض الإرشادات الضرورية الواجب اتباعها في حال كنت شاهداً على حادثة غرق (لا قدر الله): حاول عدم الارتباك واتصل فوراً على رقم طوارئ الهلال الأحمر 997، إذا كان حوض السباحة عميقاً فلا تدخله ما لم تكن تجيد السباحة والإنقاذ، لا تحاول إخراج الماء الذي ابتلعه الغريق بالضغط على معدته لأن هذا قد يزيد حالته سوءاً، إذا كنت ملماً بمبادئ الإسعافات الأولية والإنعاش القلبي الرئوي فقم بتطبيقها حسب الضرورة حتى وصول الإسعاف أو نقل الغريق إلى المستشفى. ونسأل الله تعالى للجميع السلامة من كل مكروه ونأمل من الأهل أن يكونوا على قدر كبير من اليقظة والوعي ليحافظوا على الأمانة الغالية التي وضعها الله سبحانه وتعالى بين أيديهم وكذلك نأمل من المسؤولين عن الأندية والمتنزهات بأن يكرموا ضيوفهم الأعزاء بأن يوفروا لهم كل ما يستطيعون من وسائل الأمان والسلامة، ولا شك أن الأمان بالله سبحانه الذي أمرنا بالإيمان بالقضاء والقدر ولكنه أمرنا أيضاً بالأخذ بالأسباب وبألا نلقي بأيدينا إلى التهلكة. وأخيراً نتمنى لكل أبنائنا وبناتنا عطلة صيفية سعيدة ومفيدة يستعيدون فيها نشاطهم ويشحذون بها هممهم ويجددون فيها طاقاتهم ليعودوا إلى مقاعد الجد والاجتهاد بعون الله تعالى بنفوس طيبة وعقول متفتحة في أجساد سليمة لينهلوا من ينابيع العلم والمعرفة فقد وعد الله تعالى الذين آمنوا وأوتوا العلم أن يرفعهم درجات ولن يخلف الله وعده أبداً. ٭ مدير عام جمعية الهلال الأحمر السعودي في منطقة الرياض