أنا أحد الذين قرؤوا في مجلة "فوكس" استطلاعا عن أهم 10 اختراعات أثّرت على تاريخ البشر. وفوجئت بأن الاختراع الذي تناول التمديدات الصحية (الحمّام)، جاء في المركز الأول. وكما يرى من صوتوا لصالح التمديدات الصحية التي جرى اختراعها بعد عام 1850 ويرون أنه شكل علامة فارقة في الحياة. ولن آتي إلى بقية الاختراعات فهي تكاد تكون معروفة، ولا تتسع المساحة لإدراجها. لكن الذي أثار انتباهي هو الرغبة في جعل التمديدات الصحية، وبالذات السيفون (وله مقابل بالعربية - المثعب ) أو صندوق الطرد. ولو كنتُ ممن استُفتوا لما صوّت للسيفون لأنه جعلنا نستورد تقنية تودع الفضلات في مكان قريب (البيارة) في بلدان لا يوجد بها مجار. ثم نستأجر من "يشفط" المخلفات بواسطة صهريج تجوب الشوارع، وكان الله في عون أهل الحارة لما يشتمون من روائح. وبعض أصحاب الصهاريج يُفرغ شاحنته في أقرب أرض فضاء, برك السباحة تشغل مساحة لا محدودة من مسطحات بيوتنا ويتغير فيها الماء بصورة آلية ثلاث مرات أسبوعياً فنعتب على "السيفون" وعن المسابح نحن غافلون. إحدى الخصال التي تمتع بها أعراب الجزيرة هي الحفاظ على الماء. والتغنّي بأدواته وتدليلها. وأرانا الآن متمسكين بكثير من العادات و"سلُوم العرب" الصالح منها وغير الصالح، إلا مسألة الحفاظ على الماء وترشيد استعماله. الدلو والبئر والرشا عدة المسافر والمقيم قديماً. أتوقّف عند تلك الجوهرة الكريمة.. أو التي كانت ثمينة، الدلو لأقول إن له أكثر من اسم. فهو "السّجل". والساقيان على بئر واحدة "يتساجلان"، يُلقي كل منهما دلوه، ويُخرج مثل ما يُخرج الآخر. فإذا أخرج أحدهما أكثر من الآخر فقد فاز. وإذا تعادل الجيشان في الغلبة فيقال: الحرب سجال. وهي بالرومية SITULA. ويدعي بعض المعجميين أن الكلمة أصل اللفظ العربي "سطل" لأنها كذلك في الحبشيّة SAGAL. وإذا تضاربت المصالح وتوقف المشروع نتيجة لذلك قيل "تشابكت الدلاء". وإن أراد شخص إعطاء رأي أو مشورة قيل "يدلي بدلوه". أنظروا كيف نجيد حفظ الأمثال ولا نجيد "حفظ المياه".