فجأة وبدون مقدمات تعلن الإدارة المؤقتة لتسيير أعمال الاتحاد السعودي لكرة القدم قراراً لم يكن على بال أحد يقضي بطي صفحة المحامي ماجد قاروب الرجل الأقوى سلطة داخل منظومة الاتحاد؛ مبررة ذلك بتحقيق مبدأ العدل والنزاهة والشفافية والتكافؤ في الفرص ليفقد الرجل بذلك منصبيه في الاتحاد كمستشار قانوني ورئيس للجنة القانونية مع بقائه في منصبه الطارئ رئيس للجنة المكلفة بالإعداد للانتخابات. رحيل قاروب بهذه الطريقة الدراماتيكية وهو الرجل الذي أظهر نفوذاً واضحاً في الاتحاد وفي رابطة المحترفين على الأقل فيما يتعلق بلجانه القانونية والقضائية ليس في عهد أحمد عيد، وإنما حتى في عهد الأميرين سلطان بن فهد ونواف بن فيصل لا يجعلني أسلم برواية اتحاد أحمد عيد الذي أظهر ضعفاً واضحاً في قضايا سهلة فكيف به يظهر اليوم بكل تلك العضلات المفتولة هكذا فجأة وأمام من؟!، أمام الرجل الأقوى في الاتحاد. نعم.. لا أجد نفسي قادراً على التسليم برواية تحقيق العدل والنزاهة والشفافية والتكافؤ في الفرص، وهي الأسباب التي تضمنها البيان، لا من جهة توقيته ولا مضمونه، أما التوقيت فلكون الإعفاء جاء بعد أسبوع واحد فقط من قرار لجنة الانضباط بحق رئيس الوحدة السابق جمال تونسي والذي أثار الوسط الرياضي، وهو القرار الذي اتهم قاروب بطبخه وتقديمه للجنة الانضباط على طبق من ذهب، أما المضمون فهو أكثر ما يجعلني رافضاً لرواية الجنة المؤقتة، إذ كان بالإمكان حفظ الحد الأدنى من مكانة قاروب بتقديم القرار على أنه قبول استقالة، لا أن يصدر قرار إعفاء وبالإجماع! التوقيت إذاً يفضح حقيقة البيان إذ أن (اتحاد عيد) لم يلتفت لتضارب مناصب قاروب إلا بعد مرور شهرين ونصف الشهر، وهي فترة تسلمه لمسؤولية الاتحاد، وحينما التفتت للتضارب لم تأتِ الالتفاتة إلا بعد صدور عقوبة جمال تونسي، أما من حيث المضمون فحجة التضارب لا تبدو ناهضة، خصوصاً وأن أحداً في الوسط الرياضي لم يلتفت إلى ما يمكن أن يسمى بتضارب المصالح في وجود الرجل في مناصبه الثلاثة، كما لم يظهر أحد أي حساسية في ذلك، ولو أظهروها لكان حرياً باللجنة أن تطالبه بالاستقالة من منصبيه في الاتحاد لا أن تعفيه منهما. المرجح وهو ما أسلم به أن القرار يتجاوز قدرة أحمد عيد، بل قدرة اللجنة المؤقتة مجتمعة، وفي ظني أنه يتربط مباشرة بعقوبة التونسي، إن من جهة طريقة تصدير العقوبة أو إعلان البيان، والذي قيل بأن اللجنة المؤقتة كانت آخر من يعلم بهما، أو من جهة مضمون العقوبة سواء بمعاقبته مالياً أو بتجميد عمله في كرة القدم لخمسة أعوام، وهي التي أظهرت شكلاً من أشكال الانتقام، والأعظم من العقوبتين اتهامه في مواطنيته باعتبار تصريحاته مضرة باللحمة الوطنية والصالح العام وتنمي للفكر العنصري والمناطقي في عقول النشء كما جاء في بيان لجنة الانضباط. ماجد قاروب في نهاية المطاف طوى ملف علاقته بالكرة السعودية بهذه الطريقة الفنتازية، وهو الرجل الذي أراه الأخطر في تاريخ الكرة السعودية، أقول الأخطر، وليس الأقوى، من باب امتداح قدراته التي قادته لإحداث كل ذلك التشابك والتعقيد وكذلك اللغط في أكبر اتحاد رياضي في السعودية، وهو الذي دخله فجأة ليغادره فجأة كذلك!