يتلقى قطاع الإسكان شأنه شأن الخدمات الأساسية الأخرى في مختلف دول العالم الدعم الحكومي لغرض توفير الوحدات السكنية في هذا القطاع لغير القادرين على تحمل تكاليفها من المواطنين ، بحيث يحصلون على المساكن بأسعار أقل مما هو سائد في السوق ، أو تشاركهم الحكومة في تحمل جزء مما يدفعونه قيمة لها ، ويأخذ هذا الدعم إحدى صيغتين ، يتم تبني تطبيق أحدهما أو كليهما معاً ، الأولى هي الدعم في مجال العرض للوحدات السكنية للراغبين في الحصول عليها من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط ، وذلك عبر المساهمة في التقليل من تكاليف بنائها وتشغيلها ليتيسر أن تتاح لتلك الشريحة من المجتمع ، أما الصيغة الثانية فتأخذ شكل الدعم في مجال الطلب وتهدف في هذا الشأن إلى المعونة المباشرة لذوي الدخل المنخفض والمتوسط ليتحملوا تكاليف الحصول على الوحدات السكنية التي تتاح في سوق الإسكان المحلي . ويوجد لدينا في المملكة على نحو ما لدى معظم الدول الأخرى كلتا الصيغتين للدعم الحكومي في مجال الإسكان ، تتمثل الأولى في برامج الإسكان الحكومية الموجهة مباشرة للمستفيدين ، أو التي توفر من خلال الأجهزة الحكومية وشبه الحكومية للموظفين والعاملين لديها ، أما الثانية فتجسدها برامج الإقراض الحكومية من صندوق التنمية العقارية ، وبنك التسليف والإدخار لترميم المساكن وبرامج منح الأراضي السكنية للمواطنين . وحين المقارنة بين هاتين الصيغتين من ناحية الكفاءة في أدائهما بالمملكة ، نجد أن الثانية وهي دعم الطلب للحصول على الوحدات السكنية ، على الأقل من حيث الكم ، هو البرنامج الأكثر مساهمة في دعم قطاع الإسكان بمختلف مناطق المملكة ، وربما يعزى عدم الكفاءة في البرنامج الآخر وهو دعم مجال العرض للوحدات السكنية ، إلى قيام الجهاز الحكومي المتبني لهذا البرنامج بتولي توفير تلك الوحدات بإمكانياته الإدارية والفنية الذاتية وكذلك ما يتاح له من اعتمادات مالية في هذا الشأن ، لا من خلال تحفيز ومشاركة القطاع الخاص في تقاسم المسئولية والعائد بذات الوقت في هذا الجانب. إن أبرز مؤسستين حكوميتين لدينا معنيتين ببرناج الدعم الحكومي لقطاع الإسكان بمجالي العرض والطلب في الوقت الحاضر ، هما بلا شك وزارة الإسكان في مجال العرض ، وصندوق التنمية العقارية في مجال الطلب ، وهاتان المؤسستان في إطار ما رسم لهما من أهداف وما حدد لهما من مهام ، وضمن ما يتطلع أن تشهد خطواتهما من تطوير يؤمل أن لا يتداخل برنامج كل منهما مع الآخر في دعم قطاع الإسكان بالمملكة في المرحلة القادمة ، لأن هذا لن يكون في صالح قطاع الإسكان على الإطلاق ، لكن ما ينبغي أن ينال قدراً وافراً من العناية والاهتمام ليكون فعالاً هو تطوير برنامج الدعم الحكومي في مجال العرض ليكون أكثر توزاناً مع الذراع الآخر وهو برنامج الدعم الحكومي في مجال الطلب .