شرّف الله المملكة بشرف الإسلام وأعلى مكانتها في الخليقة بعلو قامة الدين الخاتم، وجعل منزلتها فريدة بين الأمم بضمها أشرف بقعتين على وجه الأرض: المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف. وعلى هدي الإسلام وسنن نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام، سار ملوك المملكة منذ الملك المؤسس عبدالعزيز - طيّب الله ثراه - مرورا بأبنائه الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله -، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله - أمد الله في عمره -. وللحفاظ على نعمة القرآن ومنهجه الوسطي السمح، انتشرت في ربوع المملكة العديد من مدارس تحفيظ القرآن الكريم التي احتضنت عشرات الآلاف من أبناء المجتمع يتعلمون آياته ويتدارسون منهجه وتفسيره وحكمه ودلالاته، فحملوا في قلوبهم نورا يهدون به الناس، وأملا نحو العيش بسلام وإخاء بين شعوب العالم تأسيسا لقوله تعالى: "..وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم.." الآية. ولمّا كنت من المترددين على المستشفيات في عدد من مناطق المملكة، فقد لاحظت الحاجة الماسة إلى وجود ممرضين وممرضات من حفظة القرآن الكريم يقومون بالرقية الشرعية للمرضى، لعدة أسباب أهمها أن حافظ القرآن الكريم هو أقرب من غيره على مراعاة المرضى، فهو يقوم بعملين في آن واحد هو الرقية الشرعية باتقانه حفظ القرآن، ومن حيث معرفته بأصول التمريض هذه المهنة المحترمة التي تعلو على غيرها من المهن لأنه تراعي المريض وتحرص على مداواته وعلاجه حتى يبرأ. إن وجود ممرضين من حفظة القرآن الكريم يقومون بعملهم الأساسي في التمريض إلى جانب الرقية الشرعية للمرضى أمر طيب سيكون له مردوده المناسب مع التوسع في نشر ثقافة الرقية الشرعية من قبل حفظة القرآن الذين يمتهنون التمريض عملاً لهم، ولاشك أن انعكاسات إيجابية ستصاحب هذا العمل وسيدرك الكثيرون أهميته. غير أن البعض ربما يتساءل قائلاً: إنه لا يوجد لدينا رقاة شرعيون يعملون بالتمريض ومن الحفظة؟ بالطبع لدينا لكن عددهم قليل، وبرأيي أنه لحل هذه المعضلة، فإني تقدمت باقتراح إلى فضيلة الشيخ سعد بن محمد آل فريان رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض بتكفلي بتدريب عشرة من الشباب الحفظة بالجمعية وعشرة من الشابات على مهنة التمريض في معاهد التمريض في المملكة لاتقان عمل الممرض ولخدمة المجتمع وأبنائه. وأرى أن هذا الأمر عمل مهم وضروري نتقرب به إلى الله تعالى ونبتغي به خدمة الوطن الذي هو بحاجة إلى وظائف ومهن وأعمال ضرورية لحفظ النفس البشرية وصيانتها. ولا شك انه في حال نجاح هذه التجربة فسيتم تعميمها والتوسع فيها وتدريب المزيد من الراغبين وإني أدعو الراغبين في دراسة مهمة التمريض من الجنسين من أبناء المملكة من حفظة كتاب الله تعالى إلى التواصل معنا أيضا لمعرفتهم إمكانية تدريبهم التدريب الراقي اللائق بهم ودفعهم بعد ذلك إلى المراكز الطبية المناسبة، ليعملوا بدل الوافدين ويكونوا عونا في التخفيف عن المرضى وعلاجهم بالرقية الشرعية على النحو الذي يرضى عنهم الله ويحوز شكر المرضى. *رئيس مجموعة الحكير للسياحة والتنمية