يطرح بعضهم اسم مكتبة الملك فهد الوطنية ضمن المكتبات العامة، وهذا غير صحيح، فهي مكتبة وطنية، لها مهامها المحددة، ربما من أهمها أنها مكان حفظ التراث الفكري الوطني، لذا هنالك من يسميها خزانة الكتب الوطنية، وبالطبع حفظ الإنتاج ليس بالأمر اليسير، بل يتطلب متابعة وبحثا، إضافة إلى وجود نظام يوجب حفظ نسخ من أوعية المعلومات المختلفة، التي أعني بها الكتب والدوريات والرسائل الجامعية والمخطوطات والمصغرات الفيلمية والأقراص المضغوطة. هذا النظام الذي يساعد على الحفظ هو نظام الإيداع، بحيث يكون مسار الكتاب الصادر داخل المملكة يبدأ بأخذ رقم إيداع قبل طباعة الكتاب ومن ثم يودع نسختين بعد الطباعة، وحيث إن المملكة جزء من العالم وملتزمة بأنظمة حقوق الملكية الفكرية وغيرها من الأنظمة التي تساعد على توثيق كل ما هو منتج أو صادر، فقد أصبحت مكتبة الملك فهد الوطنية مركزا لتقديم الرقم الدولي المعياري للكتاب والدوريات أو ما يلاحظه القراء على الكتب من أرقام بجانب (ردمك) أو (ردمد). إضافة إلى ذلك تقوم المكتبة بفهرسة الكتاب أثناء النشر، وبوجود رقم الإيداع والرقم الدولي المعياري وبطاقة الفهرسة، يساعد على تنظيم النشر حيث كان سابقاً يغفل الناشر أو المؤلف عن ذكر تاريخ النشر أو مكان النشر، وهذه خدمة مهمة للمكتبة الوطنية تساعد فيها أيضاً على حفظ حقوق الملكية، وهنالك مهام كثيرة للمكتبة ومنها حفظ التراث المخطوط، والفهرس السعودي الموحد، وتهيئة جميع الرسائل الجامعية لتكون متاحة رقمياً، وبالطبع هنالك توجه لتكوين المكتبة الرقمية. وقد يتساءل بعض وماذا بشأن الباحثين؟، وهنا أقول إن المكتبة الوطنية بدأت منذ سنواتها الأولى بتقديم خدمات مميزة للباحثين، وهذا جعلها في طليعة المكتبات التي يتوجه إليها من لديه مشروع بحث في المملكة، ربما لتوفر المجموعات المتعلقة بالمملكة إضافة إلى توسع إدارتها باقتناء ما هو جديد ومهم، ونحن هنا لم نتطرق لقواعد المعلومات التي اشتركت بها المكتبة التي تعد مرجعاً أساسياً لمن أراد المعرفة، ولكن بكل تأكيد سيتضح ذلك مستقبلا، وتحديداً بعد افتتاح التوسعة التي أعاقت العمل، وتسببت في خفوت صوت المكتبة، وهنا أعود في حديثي عن المكتبات، أن المكتبة الوطنية، لها مهام محددة، وفي ظل غياب المكتبات العامة في المملكة، قامت بخدمات المستفيدين، وستبقى مصدراً مهما للمعرفة، وستكون مؤسسة ثقافية تخدم محبي القراءة والبحث عن المعلومة، وتنشر الثقافة عبر فعاليات مختلفة منها النشر والندوات والمحاضرات. قد أتحدث كثيراً عن مكتبة الملك فهد الوطنية، ربما لأنني أحد العاملين بها، ولكن حديثي ينبع من حب لأهمية المكتبة في حياتنا، ومن واقع الحرص على انتشارها؛ لأن مكتبة وطنية مثل مكتبة الملك فهد الوطنية أو مكتبة متميزة مثل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، أو مركزاً للدراسات مثل مكتبة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية، تلك المكتبات لا تكفي لخدمة مدينة تجاوز سكانها الثمانية ملايين نسمة، حسب معلوماتي، فالرياض، هذه المدينة الكبيرة تحتاج إلى أكثر من مكتبة.