الوسواس القهري * أنا فتاة في التاسعة عشرة من العمر ، أعاني من مرض الوسواس القهري والذي حرمني من إكمال الدراسة الجامعية بعد إكمالي الدراسة الثانوية منذ عامين ، وأثّر حتى على تأديتي لفروضي الدينية ، فأنا منذ عامين لا أستطيع الصلاة. مشكلتي أنني دائماً أشك بأني لستُ طاهرة ولستُ نظيفة ، أشعر بأني أحتاج للغُسل قبل كل صلاة ، لذلك أتعبني هذا الأمر ولذلك تركت الصلاة. راجعت طبيبا نفسيا ووصف لي أدوية نفسية ولكن للأسف لم يتحسّن شيء ، وكذلك راجعت إختصاصيين في العلاج النفسي ، لعمل علاج معرفي- سلوكي ولكن حتى هذا للأسف لم يفد ، واستمر الأمر معي ، حيث الآن أنا حبيسة البيت فلا أستطيع أن أذهب إلى أي مكان بسبب خوفي من التلوث وأن أصاب بجراثيم. حياتي كلها تدور حول القذارة والتلوّث ولا أدري ماذا أفعل ، فقد جعلني هذا المرض شبه معوّقة ؛ فلا أستطيع الدراسة ولا أستطيع تأدية الصلاة ، وأشعر بتأنيب ضمير يجعلني مكتئبة ، فلا أدري ماذا أفعل ، أرجو مساعدتي جزاك الله كل خير. ق.ص - سيدتي الفاضلة ، أعرف مدى معاناتك مع مرض الوسواس القهري ، فهذا مرض مُزعج ، وكذلك هو مرض لا يستجيب للعلاج بشكلٍ جيد ، فكثير من مرضى الوسواس القهري ، لا يتحسنون بشكلٍ سريع ، وحسب الدراسات العالمية التي أجريت على التحسّن والشفاء من هذا المرض الصعب تصل إلى حوالي ما بين 50 إلى 60% ، وإن كانت الدراسات في هذا الموضوع تختلف من بلدٍ إلى آخر ، ولكن بوجه عام ، التحسّن ليس دائماً يتوفّر للمريض ، وللأسف فإن بعض المرضى قد يُعاني من هذا المرض لسنواتٍ طويلة ، وتُشير الدراسات إلى أن الشخص عادة يطلب العلاج بعد اثني عشر عاماً من الإصابة بالمرض ولا يتحسّن المرضى كلما أصبح المرض مزمناً معهم. بالنسية لكِ يا سيدتي الكريمة ، فهذا هو أكثر ما يُعاني منه مرضى الوسواس القهري وهو قضية الطهارة والنجاسة في العبادات ، ولذلك لا تظني بأنك الوحيدة التي تُعاني من هذا الأمر ، فكثير من مرضى الوسواس القهري يُعانون من المشاكل في النظافة ، وكثير منهم يُعيد الوضوء عدة مرات قد تصل إلى أكثر من ساعة أو ربما ساعتين وحتى أكثر من ذلك. لقد كانت لديّ مريضة تبدأ للوضوء لصلاة الظهر ، ويدخل وقت صلاة العصر وهي لم تنته بعد من الوضوء لصلاة الظهر!. أعرف مدى الضيق وربما يصل الأمر إلى الكآبة من تأنيب الضمير نتيجة عدم تأديتك للصلوات ، وهذا بالتأكيد أمر مُزعج جداً ، ولكن ما أريد أن أقوله هنا هو أن كثيرا من العلماء أجازوا لمن يُعاني من مرض الوسواس القهري ألا يُعيد الوضوء أو يُعيد الصلاة حتى وإن كان يشك في أنه غير طاهر أو أن صلاته غير كاملة أو غير صحيحة ، لذلك عليكِ بأن تحاولي أن تعودي لأداء فريضة الصلاة ، قد تقولين بانك تجدي صعوبة في ذلك ، وأنا أعرف بأن هذا الأمر فعلاً صعب لكنه ليس مستحيلا وهو العلاج الذي سوف يُساعدك كثيراً في الخروج من دواّمة هذا المرض المزعج ، في البدء سوف تشعرين بتوتر شديد وبأنك لا تستطيعين أن تقومي بأداء الصلاة ، وتشعرين بأنك غير طاهرة وبقية هذا الأمر المرتبط بالوسواس القهري من شعورك بأنك بحاجة للاغتسال لأنك تشعرين بأن عليك جنابة ، وبالطبع كل هذه الأمور غير صحيحة. عليكِ أن تتوضأي بشكلٍ عادي ، وبالطبع سوف تشعرين بأنك لم تُحسني الوضوء وأن صلاتك لن تُقبل ، لذلك توكلي على الله واستمعى لما قاله كثير من كبار العلماء بأن مريض الوسواس القهري مرفوع عنه القلم ، لأنه ليس على المريض حرج ، فصلي ولا تفوتِ الصلاة بقدر ما تستطيعين ، ولا تفكري بهل صلاتك مقبولة أم لا ، وكذلك لا تفكري بهل أنتِ طاهرة أم لا ، لأن المسلم الذي يُعاني من الوسواس القهري ليس عليه حرج بسبب مرضه ، ولذلك يجب عليك أن تصلي فروضك ولا تُفكري في موضوع هل تُقبل أم لا. في البدء كما ذكرتُ لكِ بأنك سوف تشعرين بعدم ارتياح وتوتر ولكن مع مرور الوقت وإصرارك على إكمال العلاج فسوف تتحّسن الأمور بشكلٍ جيد. الأدوية التي تُعالج الوسواس القهري قد تساعدك بشكلٍ جيد وكذلك العلاج السلوكي – المعرفي قد يساعد بشكل مهم ، حاولي أن تتناولي الأدوية النفسية وكذلك أن تحضري جلسات علاج نفسي لمرض الوسواس القهري. مع إدراكي لصعوبة مرضك لكن لا تيأسي من رحمة الله وان الله هو الشافي لكل الأمراض وإنما الأدوية واي علاج آخر ماهو إلا وسيلة.