كل شيء لدينا أسعاره ترتفع باستثناء ما رحم ربي. وهذا واحد من أسباب عدم الوئام في المجتمع ومنبع الخصومة بين فئات المجتمع وطبقاته. بل ان الغلاء إذا ما تجاوز الحدود فإنه قد يثير حفيظة المستهلكين أو كثير منهم، كما هو واضح من التعليقات الالكترونية، على الجهات المشرفة على نشاط قطاع الأعمال مثل وزارة الزراعة، وزارة التجارة والصناعة وغيرها. إذاً فالجميع مدعو للبحث عن حل لارتفاع نسبة التضخم وغلاء المعيشة وعلى رأسهم الجهات المعنية بالأمر. وأنا هنا لا أقصد تدخل الحكومة في الاقتصاد. فنحن طالما ارتضينا أن نعيش ونمارس مختلف نشاطاتنا وفقاً لمبدأ الاقتصاد الحر فإن تدخل القطاع الحكومي في السوق سوف يكون بطبيعة الحال محدوداً بل وغير مباشر. أو هكذا يفترض. من ناحية أخرى فإنه من غير الممكن السكوت عن غول التضخم ونحن نراه يلتهم ميزانية الطبقة الوسطى التي هي عماد المجتمع وأساس استقراره. وأول ما يفترض أن ننطلق منه في هذا المجال هو مكافحة الاحتكار الذي يتنافى مع مبدأ السوق الحرة الذي هو عماد اقتصادنا. وفي هذا المجال فإن القطاع الحكومي مدعو لأن يأخذ زمام المبادرة. وأعتقد أن الأمر هنا يفترض أن لا يقتصر فقط على إنشاء قسم أوجهاز لمكافحة الاحتكار في هذه الجهة أو تلك. فهذه أمور قد خبرناها وجربناها. فالأجهزة بدون وجود تشريعات مناسبة تساعدها على العمل تصبح بلا حول ولا قوة. ولذلك فلا غرابة أننا حتى الآن لم نسمع أن هناك دعوى قد أقيمت في المحاكم ضد أي جهة من الجهات أو شركة من الشركات بتهمة احتكار السوق. في حين أن كل الدلائل تشير إلى اتساع هذه الظاهرة التي أصبحت مصدر شكوى وتذمر الجميع. كما أن الجهات الحكومية بالإضافة إلى ذلك يفترض أن تضع الآلية المناسبة التي من شأنها تشديد الرقابة ومنع التلاعب بأسعار السلع والخدمات. وذلك لأمرين مهمين على الأقل: الأمر الأول هو حماية المستهلك الذي يضطره عدم مرونة الطلب إلى شراء السلع والخدمات الضرورية مهما كان سعرها. أما الأمر الثاني فهو أن ارتفاع معدل الربح التجاري من شأنه أن يشجع تدفق رؤوس الأموال على هذا القطاع وحرمان القطاعات الأخرى منها. وهذا أمر يتناقض مع كل خططنا الإستراتيجية. ومن غير الممكن والحديث يدور هنا عن محاربة الاحتكار وتشجيع المنافسة عدم الاشارة إلى الملكية التعاونية. وأنا أكتب هذه السطور الأخيرة وفي بالي تجربة الكويت التي تنفرد بين دول مجلس التعاون الخليجي بتطور المجمعات والأسواق التعاونية. فالسوبرماركت التعاونية هناك يمكن ملاحظتها في كل حي تقريباً. فوجود هذا النوع من الملكية من شأنه أن يفتح خيارات أكثر أمام المستهلكين والمستثمرين في آن واحد. وهذا لا بد له وأن يؤدي، خصوصاً مع اتساع هذا النشاط، إلى كسر الاحتكار وتراجع الأسعار.