انتظار.. عشت باقي عمري بانتظارها.. وأحياناً أنسى ما المفترض أن أعمله بأيامي.. فأتذكر أنه الانتظار.. وأتساءل هل أنا بانتظار المجهول.. أم صديقة عزيزة لطالما عرفتها وفهمتها..؟ تحزنني الذكرى ويبكيني الألم.. ولا أدري إلام العيش وحدي وهي بعيدة.. ولا أدري متى يرتاح قلبي وأحيا هانئة.. دون انتظار!.. فمنذ رحيلها بدأت مشواراً طويلاً.. كبحر حالك وبلا قرار.. ومع أن جرح فراقها المفاجئ كان عميقاً.. بيد أنني تعلمت منها دروساً لن أنساها.. فتعلمت النسيان.. وقسوة القلب.. خاصة مع من أحببتهم.. ورحلوا عني قاصدين الهجر.. ولكنني فتحت الباب يوماً.. في ليل ممطر كئيب.. لأراها واقفة.. ومددت يدها طالبة السماح والرجوع لوعودنا وأحلامنا المشتركة.. وفي عينيها خوف ورعب من الليل الذي سَلَكت طريقه.. فغزتني الدموع.. وشل لساني.. وما وسعني إلا أن أذكر.. كم مررت أنا من هذا الطريق الممطر.. ولم أجدها لتفتح لي الباب.. حتى كرهت الانتظار ورجعت أدراجي.. لتأتيني بعد عام من رحيلها.. تصف لي شعورها بالشوق والحنين..؟ وتطلب مني الرجوع كما كنت.. ذلك القلب الطيب.. الذي يراعي هفواتها وينساها..؟ متأسفة.. فقلب علمته النسيان.. والجحود والنكران.. من الصعب عليه تذكرك.. أو الرجوع لسابق عهده.. ولنبق على ما كنا.. بعداء ولا نتطلع للقاء.. لأن أكبر جرح في الصداقة.. هو التخلي والتنكر.. وأكبر إهانة لها.. أن يأتيك شعور بأنك احتياطي.. أو على الهامش.. يلجأ الناس إليه متى ما أرادوا. صعب عليَّ الرجوع.. وأسهل منه الفراق.. وليكن أصعب الدروس التي مرت عليك في تاريخ صداقاتك.. وآخرها.. فلعل وعسى تتوقفون عن أخذ الدروس.. وتبدؤون بتطبيقها.. فقد مررتم بكل أساتذة الكون.. ومازلتم طلاباً.. طلاباً كل همهم الأخذ.. ولا يعرفون كيفية للعطاء.