نظام العمل المدني في السعودية يُحدد سن التقاعد الإجباري عند 60 عاماً سواء كان المتقاعد رجلا أو امرأة، وهذا أمر طبيعي فالشخص بعد الستين في الغالب يكون غير قادر على العطاء والإنتاجية كما كان قبل ذلك، وفي الحقيقة أتمنى أن يخفض سن التقاعد الإجباري إلى 50 عاماً، فالتطورات الحالية تحتاج إلى طاقة شابة مواكبة للتقنية المستخدمة حالياً في كثير من مجالات العمل. ما يثير الاستغراب والدهشة هو تحديد عمر التوظيف للمرأة بأن تكون أقل من 36 عاماً كشرط من شروط القبول للتوظيف، كما يحصل في برنامج حافز وكذلك برنامج "العمل عن بعد" الذي يندرج تحت مظلة برنامج نطاقات، وكأن المرأة التي تبلغ من العمر 36 عاماً وصلت إلى سن التقاعد الاجباري ولا تستطيع العمل أو المشاركة في بناء المجتمع!! خريجات معهد المعلمات مضى على تخرجهن أكثر من 10 سنوات وهن ينتظرن دورهن في وزارة الخدمة المدنية للحصول على وظيفة، وقس على ذلك الكثير من الخريجات اللآتي ينتظرن دورهن سنين عديدة،وما يزيد هذا الشرط سوء هو أن المرأة تواجهها في بعض الأحيان ظروف تمنعها من إكمال دراستها بسبب الزواج أو الحمل أو رعاية أحد الوالدين ،لذلك من المحتمل أن تتأخر سنه أو سنتين أو أكثر حسب مدة هذه الظروف،لذلك من المحتمل أن تصل الى سن 36 عاماً دون أن تلتحق في وظيفة ،أو من الممكن أن تكون المرأة غير محتاجة الى العمل في وقت سابق لكن استجدت أمور جعلت العمل بالنسبة لها ضرورة ملحة، وقبل كل شيء هذا الشرط يعتبر مخالفاً لقانون العمل في السعودية، فكيف يكون شرطا أساسيا من شروط الحصول على وظيفة؟ الحكومة مشكورة تسعى إلى تخفيض نسبة البطالة التي وصلت الى أرقام مخيفة من خلال إطلاق الكثير من البرامج، مثل برنامج حافز، وجدارة، والعمل عن بعد للمرأة، وهذه البرامج تهدف الى استهداف أكبر شريحة من البطالة التي ترغب حقاً في العمل. والمرأة في وقتنا الراهن أصبح العمل لها ضرورة وليس رفاهية، فكثير من النساء يقمن بتحمل مسئولية العائلة المادية كاملة، والبعض منهن تقوم بمساعدة الزوج في الدخل للتغلب على الظروف المادية التي يعاني منها اغلب المواطنين، والبعض مطلقات أو ارامل لذلك يجب أن ينظر اليهن بنظرة جدية في قضية التوظيف، ووضع الشروط التي تكون عوناً لهن، وليس وضع شروط تكون حاجزا ضدهن للحصول على وظيفة. من حق المرأة أن تحصل على وظيفة تستطيع من خلالها الاعتماد على نفسها في الحصول على المال من غير أن تحتاج الى أحد الاقارب أو الصدقات من الناس أو الجمعيات الخيرية، وبالذات عندما تكون قادرة على ذلك جسدياً أو تحمل شهادة دراسية. في الحقيقة لا أعلم من وضع هذا الشرط الغريب، ولا الهدف منه، فالمرأة في عمر الستة والثلاثين لا تزال قادرة على العطاء كما ذكرنا، وهي لم تصل الى عمر التقاعد الإجباري المقر في نظام العمل في الدولة، لذلك اتمنى أن يعدل شرط العمر، فالقوانين الوضعية قابلة للصواب والخطأ، ويجب إعادة النظر فيها بشكل دائما لما يخدم المصلحة العامة.