من المؤكد أن النجاح الذي حققه برنامج "يا هلا" عبر روتانا خليجية في مناقشة هموم الناس وعلى مدار خمسة أيام في الأسبوع حفز قناة MBC على الدخول في المنافسة عبر تقديم النسخة الإذاعية من برنامج "الثانية مع داود" ليكون برنامجاً تلفزيونياً بعنوان "الثامنة مع داود" وليكون أيضاً مثل العلياني الذي يقدم برنامجاً إذاعياً مباشراً وبشكل يومي عبر إذاعة روتانا إف إم، ولاشك أن استمرار المذيعين في تقديم برنامجين يومياً فيه جهد كبير عليهما، فما يقومان به هو أمر غير مسبوق أن يتصدى شخص واحد لبرنامجين في ست ساعات يومياً ولخمسة أيام في الأسبوع وهذا يعنى تقديم 40 حلقة في الأسبوع وهي في العرف التلفزيوني إنتاج عام لبرنامج يبث مرة كل أسبوع. الأمر الذي يهمنا كمشاهدين هو وجود برامج تناقش قضايانا ونطرح من خلالها همومنا بمصداقية وحرفية عالية ورغم ما تعانيه هذه البرامج من غياب الطرف الآخر الذي يمتلك الإجابة ألا وهو المسئول، إلا أنها توفق بدرجة كبيرة في طرح المشكلة. ويظل غياب الطرف الآخر مضراً بالمشكلة فقد تهولها البرامج لأنها تنقل وجهة نظر طرف واحد في غياب الطرف الآخر وهنا على الجهات الرسمية المعنية أن تتعاطى مع الإعلام كما يجب خاصة أننا في زمن الصوت المسموع عبر كافة وسائل الاتصال فصاحب المشكلة يستطيع ان يصور معاناته بالصوت والصورة ويرفعها على اليوتيوب ويدعو الناس لمشاهدتها أو يرسلها عبر تغريدات تصل إلى أقطار العالم فالأحداث اليوم لم تعد بحاجة إلى كاميرات التلفزيون أو عدسات مصوري الصحف لنقلها (الإنسان اليوم يستطيع أن يصنع عالمه الإعلامي بنفسه) ولهذا من المهم إلزام الجهات الرسمية بوجود متحدث إعلامي باسمها ليكون على الأقل هو المتواجد في مثل هذه البرامج في حالة غياب المسئول الأول الذي يمتلك الإجابات حيث لا يجوز أن نتحدث عن مشاكل التوظيف والإسكان والقصور في الخدمات في ظل غياب من كلفهم ولي الأمر برعاية مصالح المواطنين وعلى المسئول أن يتواجد وأن يجيب بشفافية على ما يطرح لأن زمن "كلام جرايد" ولى نحن اليوم في زمن صوت مواطن وعلينا أن نحترمه وأن نرد عليه بما لدينا سواء أرضاه أو أغضبه ذلك. إن الهدف من برامج الرأي العام هو لفت أنظار من يعنيهم الأمر إلى حجم المشكلة فقد تكون المشكلة لدى وزارة الصحة أو وزارة الخدمة المدنية والحلول لدى وزارة المالية وهنا يكون لهذه البرامج عبر طرحها البناء الدور في عرض المشكلة والبحث عن الحلول حيث لا يكفينا أن نشيد بالطرح فالطرح وحده لا يكفي. إن طرح المشكلة دون حلول لها لا يحقق إلا شهرة إعلامية وهي تتنافى مع تحقيق نجاحات على أرض الواقع؟. غياب المسئول عن المشاركة في هذه البرامج يجعل البديل في معظم الأحيان مسئول سابق وفي حقيقية الأمر لا يمتلك من كان يجلس على الكرسي المصداقية للحديث عنه بعد أن رحل فنحن نريد من يجلس على الكرسي الآن لأن القرارات بيده أما من كان يجلس على الكرسي فقد تركه وليس بيده أن يصنع شيئاً سوى التنظير وقبولنا لما يقوله يعتمد على سيرته عندما كان على الكرسي هل كانت أفضل من خلفه أم العكس. كانت بعض البرامج هي الصوت الوحيد للمواطن ولكن في زمن الإعلام الجديد الصوت ممكن أن ينطلق عبر وسائل عدة ولكن المهم من يسمعه ويجيبه وهذا ما ننشده من التفاعل مع نجاح هذه البرامج التي نفتخر بها لأنها تأتي من قنوات سعودية الملكية تحاور بها أبناؤنا وقد وعت هذا الأمر متأخرة كثيراً ولكن أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي أبداً. تهانينا للقناتين وللزميلين الكريمين على نجاحهما وإن كنت أتمنى أن يعاد النظر في ساعات البث المتداخلة فالثامنة يأتي قبل "يا هلا" بنصف ساعة وفي أوقات صلاة العشاء وذلك حتى تعم الفائدة ولا نحرم من متابعة أحد البرنامجين. ويبقى سؤال حائر أين الإعلام الرسمي عن كل هذا الطرح الجريء؟.