في 27/4/1423ه ، صدر قرار مجلس الشورى بفصل الاقتصاد عن وزارة المالية وضمه الى وزارة التخطيط ، وفي 16/5/1433ه ، أي بعد أكثر من عشرة أعوام ، تخيلوا عشرة أعوام بالكمال والتمام !! أتى مجلس الشورى بجلسته الأسبوع الماضي ليرفض مبررات وزارة التخطيط ، واحتجاجها بعدم تنفيذ الأمر الملكي الخاص بنقل الشؤون الاقتصادية من وزارة المالية الى وزارة التخطيط وادعائها حسب ما ورد في صحيفة الرياض يوم الأحد 8 ابريل 2012م ، بأنه سبب إعاقة ادائها لمهامها ومسؤولياتها الكاملة! اقل ما نقول عن هذا الحدث اننا نسير بالبركة والحمدلله ، عشرة أعوام ونحن دون اقتصاد مخطط ، ولا نعلم من كان يدير الاقتصاد خلال هذه الأعوام العشرة ، هل هي وزارة المالية أم الوزارات ! بقوتها وتحكمها بمشاريع الميزانية والكل يحاول كسب ودها وإرضائها لزيادة حصتها في مشروع الميزانية ، والتي لم يهن عليها ترك قطاع الاقتصاد من قبيل الصلاحيات والسلطة وظلت تدير الاقتصاد الخفي طيلة هذه الفترة ؟ أم أنها وزارة التخطيط التي أنيط بها قطاع الاقتصاد ولم تعلم عنه شيئاً ولم تستطع ادارته وانشغلت بمشاريع الخطط الخمسية التي لم تنفذ إلا بنسب متدنية جداً ، وكأن لسان حالها يقول (عساها بحملها تثور!) ، أم انه مجلس الشورى الذي ظل قراره عشرة أعوام على الورق ولم ينفذ ولم يتابع ، حتى جاء التقرير الأخير ليكشف المستور ويتضح أن قطاع الاقتصاد كان كالكرة تتلاقفها هذه الأطراف الثلاثة ، الغريب في الامر، أن الاقتصاد السعودي نما خلال هذه السنوات وحقق أفضل النتائج وصمد أمام الأزمة المالية العالمية وهو دون جهة مسؤولة عنه (نظاماً) بعد تعثر تطبيق هذا القرار، وإذا كانت الأمور هكذا ، فلنعطي فرصة أخرى للقطاعات قد يتحسن أداؤها وهي دون مرجعية! إن عدم ظهور القصور الهيكلي في اداء الاقتصاد خلال هذه الفترة يعود لسبب ارتفاع أسعار البترول لمستويات تصل الى 100 دولار للبرميل الواحد، وساهمت في عدم افتضاح الأمر، واتضاح أي اشكالات أو أي قصور في الأداء ، ولكن هذا ليس بعمل احترافي ومنطقي في اقتصاد يعتبر من أكبر عشرين اقتصادا على مستوى العالم ، ومن الواجب معرفة الأسباب الحقيقية التي أدت الى عدم تنفيذ قرار فصل الاقتصاد عن وزارة المالية وعدم مباشرته من قبل وزارة التخطيط ، لأن الامر خطير وقد يكون له أبعاد ومحاذير بالغة الأهمية ، في عدم تنفيذ القرارات ومن ثم تقييم الأداء ومحاسبة الجهات المقصرة والمسؤولة ، لأن تنفيذ القرارات وعدم تعطيلها هو ما يضمن سلامة ومنهجية العمل ، في أي اقتصاد وبلاد. ونحن نتحدث عن التخطيط الاستراتيجي فإن وجود استراتيجية لكل جهاز وقطاع مثل استراتيجية الصحة والتعليم والاقتصاد والسعودة والاستثمار والشباب والاسكان والعمل وغيرها، وكل جهه تعدها وتشرف على تطبيقها بمعزل عن الواقع والآخرين ، يعتبر خللا هيكليا في ادارة شؤون القطاعات ، وعلى وزارة التخطيط أن تقوم بهذا الدور الرئيسي ، وتضع بهيكلها الجديد مع وزيرها الجديد ادارة بالوزارة تتولى التنسيق والمتابعة لإستراتيجيات الجهات الحكومية المختلفة وتضمن انسجامها معاً ، وأن نعرف ماهي اهداف كل استراتيجية وعلاقتها بالاستراتيجيات الأخرى مع مراعاة المستجدات والأحداث الراهنة، والمسؤول عن تنفيذها ، حتى لا تمر عشرة أعوام أخرى ثم نكتشف الطامة التي قد تقصم ظهر البعير!