انتهى الحديث بيننا عن الحب وبدأ الحديث عن لحظة الإبداع مرة أخرى ومن دون ترتيب ودون أن نشعر ، بدأت أعبث بجوالي ، وأمارس هواية إعادة قراءة الرسائل التي أمارسها دوماً في لحظات الصمت ، وضعته جانباً بعد أن أنهيت أكثر من خمسين رسالة وأخرجت القلم وأنا أتأمل نوم ( الحاج ملفي ) على فروته وكتبت : الربيع هذا العام يأتي هادئاً .. كنت أفتح للصباح نافذة الكتابة كلما رأيت السماء تعكس احتفال الربيع بفرحة غامرة .. حول البيت الذي تشرّع أبوابه في صحراء ( الشراه ) .. تتطاير أنفاس بدوْ قدماء .. تأملت الصباح جيداً بعد أن تناولت القهوة مع والدي .. أدار محرك سيارته الجمس ليذهب إلى معان لشراء عدة جديدة للصيد .. يحب الاستماع إلى الأخبار وهو ينتظر محرك السيارة يتوّهج ويستعد لمعانقة الطرقات الشمالية .. ( أبو سعران ) يعيش في اليوم الواحد بأكثر من شخصية .. فمرة يبدو عليه الحزن ، وأخرى مبتهجٌ بلا سبب ، ومرات كثيرة يظهر بصورة الرجل المتزن الهادئ الذي يشعر بأنه تفاجأ من كل ما حوله ، كل هذا يجعله يبدو أكثر جاذبية، وحضور في أذهان من يعيشون معه .. تكون الحياة في كل تفاصيلها إبداعاً عندما نخلّصها من الشروط والقوانين ، وتصبح أدوات التعبير الفني لدينا ، شعرية كانت أم نثرية في أكثر حالات تجلّيها ووجودها العابق بالتفّرد.." أعدت قراءة ملامح الفيلسوف المختبئ في ليل ذاكرتي :" الإنسان الخلاق يضفي جمالا على العالم ، إنه يعطي شيئا للعالم ولا يأخذ منه - أغنية هنا ولوحة رسم هناك . إنه يجعل العالم يحب ، يبتهج ، يتأمل بطريقة أفضل . وعندما يرحل من هذا العالم ، يترك عالما أفضل وراءه " . قد يعرفه أو لا يعرفه أحد ، لا فرق في ذلك - ولكنه يترك عالما أفضل وراءه..!" قلت سأصوغ رسالة للعم ملفي حول الإبداع لعله يستنشق صباحها بطريقة أعمق هذه المرة " السعي وراء الشهرة، من خلال الإبداع، يلجم الإبداع الحقيقي، ومن يفعل ذلك، فهو سياسي طموح".