في كثير من الأحيان يتطلب إقرار أي تنظيم جديد أن يواكبه سن وتطبيق عقوبات وجزاءات من نوع معين يضمن الاستجابة والامتثال لهذا الجديد، وضمان نجاحه على كل المستويات. تعودنا أن نتعامل مع الأمور في بداياتها بعدم الاكتراث والتشكيك في تطبيق الأنظمة، وبالتالي نسمح لأنفسنا بالتجاوز، معولين على أن الإشارة إلى العقوبات، هي للتخويف وأن الواقع لن يشهد تطبيق أي شيء منها. هناك العديد من الأمثلة في واقع حياتنا في المملكة كان تطبيق العقوبة فيها أكبر عامل مساعد على الالتزام بالنظام، إلى أن أصبح هذا النظام واقعا نعيشه ونتعايش معه. أتذكر حين منع التدخين في المطارات، ووضعت له عقوبات لم يكن هناك ارتداع فعلي وكنا نرى أناساً، حتى من العاملين في المطار، يدخنون أمام الملأ واقفين وجالسين في سخرية واضحة من اللوحات التحذيرية لقناعتهم بأن العقوبة المشار إليها في هذه اللوحات التحذيرية ما هي إلا للتخويف فقط، ولن تطبق في الواقع. ولكن بعد أن تم التأكيد على المنع وطبقت العقوبات وكانت هناك متابعة دائمة لم نعد نرى من يدخن في المطارات، إلا من كان جاهلا أو ناسيا. مثال آخر أكثر شمولا هو نظام (ساهر) فعندما تم الإعلان عنه، وبدأ تسجيل المخالفات، وانهالت الغرامات كنا في بداية الأمر نعتقد أن الهدف هو التخويف، وحث قائدي المركبات على الالتزام بسرعات محددة، وتطبيق كثير من قواعد السلامة المرورية. وما هي إلا فترة محدودة شعر بعدها المواطن والمقيم أن هناك جدية في تطبيق المخالفات ظهرت جلية عندما تم ربط السداد بنظام الجوازات والأحوال المدنية عندها وجد قائد المركبة أن لا مناص من الامتثال، وبالتالي يجب المحافظة على الأنظمة تجنباً لغرامات وعقوبات لابد من تطبيقها. نعود إلى آخر ما تم تطبيقه من عقوبات، وهو موضوع حديثنا، فعندما وجه سمو الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بالسماح للشباب بدخول المحلات التجارية والأسواق من دون عوائلهم اعترض البعض من منطلق الخوف من مضايقة هؤلاء الشباب للعائلات، وبأن الأمر سينقلب عكسياً ويؤدي إلى نتائج وخيمة. هذا السماح اقترن منذ بدايته بالتشديد على أن من يثبت قيامه بأية مضايقات للعائلات ستتم إحالته إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لتتخذ بحقه العقوبات المناسبة. لم يكن القصد من هذا الإجراء التهديد فقط حيث صدرت ونفذت أحكام العقوبات على عدد من الشباب المخالفين وبذلك كانت الرسالة واضحة بأن السماح للشباب بدخول المجمعات التجارية لا يعني ترك الحبل على الغارب، وأن الأمور مقننة، وهناك جهات تتابع وتحاسب. مثل هذه الأساليب في التعامل مع كثير من الأمور والإجراءات التي ظلت ممنوعة في السابق لا شك أنها ستنمي لدينا شعور الانضباط، ومعرفة أن هناك من يشرع وينفذ التعليمات في الوقت نفسه. لايمكن التشكيك في حرص جميع المسؤولين على مصلحة المواطن وأفراد أسرته وتوفير سبل الراحة لهم. من هنا لا يمكن لنا أن نقف في أماكننا بسبب التخوف من أن السماح لأشياء كانت ممنوعة في السابق سيؤدي حتما إلى نتائج عكسية لايمكن تلافيها. شيئا فشيئا سيستوعب الشباب سمو الرسالة الموجهة إليهم ويقرؤونها بكل وضوح ومؤداها : أن خصوصية العائلات يجب أن تحترم، وأن المجمعات التجارية من حق الجميع زيارتها والتجوال في أرجائها مع الحفاظ على أخلاقياتنا وعدم مضايقة عائلاتنا، ومن خالف ذلك فإن هناك عقوبات تنتظره ومن بينها العقاب الشديد أمام الملأ.