من منا لا يعرف شمشون الجبار..؟ لقد قرأنا عنه كثيراً مثلما قرأنا عن طرازان.. ولاشك أن أطفالنا يقرأونه اليوم في الكتب الصغيرة، ويشاهدونه في أفلام «كرتون» التي تتحدث عن الرجل الأسطوري الخارق، الذي يحبه الصغار، ويعجبون بفروسيته وشجاعته، فلا خالد بن الوليد، ولا سيف بن ذي يزن ولا عنترة بن شداد ولا أبوزيد الهلالي - فهؤلاء كلهم من مخلفات التاريخ ولا يليق بأطفال «الحداثة التربوية» أن تتحدث لهم عن أولئك الأجلاف..!! أما شمشون فهو مثل طرازان يرمز دائماً لبطل الحداثة والمعاصرة..!! هكذا تعلمنا ويتعلم أطفالنا اليوم.. فلاشك أن في ذاكرة كل منا حكاية أو أسطورة عن شمشون الجبار..!! وأظن أن الكثيرين لا يعرفون أسطورة «شمشون» ولا من أين جاءت.. وهل هي فعلاً شخصية حديثة أم أنها شخصية أسطورية قديمة أقدم من خالد بن الوليد وعنترة..؟ وأقول لمن لا يعرف صبراً سأخبركم ولكن انتظروا قليلاً فقد يسأل قبل ذلك سائل ويقول ما المناسبة..؟ وما علاقتنا بشمشون والحديث عنه..؟ أقول إن الذي جر ذكره وجاء بسيرته أمر خطير جداً.. وهو ما يحدث ويقع في فلسطين من ممارسات (شماشين) اليهود الذين يمارسون التجبر والغطرسة، والقتل الوحشي سواء من قبل جنود الاحتلال أو من المستوطنين - الذين يتلقون التأييد والدعم، والمساندة من حكومة الوحوش هذه، والتي بلغت بها الكراهية، والحقد أن تفرق الفلسطينيين المحتجين على اغتصاب أراضيهم ليس بإطلاق النار، ولا القنابل المسيلة للدموع فحسب. بل بضخ المتظاهرين بخراطيم الماء القذر..!! تخيلوا إلى أي حد وصلت العقلية الهمجية اليهودية القذرة.. وقصص القذارة في الموروث اليهودي والمثلوجيا اليهودية والحروب اليهودية لا تعد، ولا تحصى.. ولعل من أهمها أسطورة شمشون الجبار.. وأتصور الآن أنكم أدركتم ان صاحبنا «شمشون» الذي يعجب أطفالنا بشجاعته، وبطولته الخارقة هو يهودي ابن يهودي.. وهو أقدم في أسطورته من أبطالنا وفرساننا وكل رموزنا التاريخية ومع هذا لا يزال حياً مستيقظاً حديثاً في عقول أطفالنا رغم أن شخصيته شخصية عدائية، وبالذات ضد كل ما هو فلسطيني، فقد أوردت التلاميذ اليهودية كثيراً من بطولاته الخارقة وبالذات في قتل الفلسطينيين، ومن بين ما أوردته حكاية حب مع امرأة فلسطينية اسمها (دليلة) وهو هنا عاشق رومنسي وموله ورقيق القلب حيث تشير الأسطورة إلى انه أحبها وهام بها وأخذ يزور قريتها.. وبينما كان سائراً إليها ذات يوم لقيه في الطريق أسد جبار شرس وسرعان ما حلت روح الرب على شمشون، فهجم على الأسد وشقه نصفين ورمى به على قارعة الطريق.. وحينما وصل إلى قرية المحبوبة لم يجد الترحيب اللائق فأخذه الغضب عليها وعلى قومه فجمع ثلاثمائة ثعلب وربط كل واحد بذنب الآخر ووضع مشعلاً بين كل ذنبين - وساق هذه الثعالب إلى المزارع، والحقول، والغابات فأحرقت الزروع والأغنام، وكل شيء.. فثار غضب أهل البلدة. وحشدوا له ولمن معه جيشاً عظيماً، وحينما التقى الجمعان خرج شمشون وفي يده حنك حمار - فقاتلهم به قتالاً عنيفاً فقضى على ألف منهم بفك الحمار.. وقد هرب الباقون وفروا إلى الغابات والجبال، وتفرقوا في الديار ذعراً وخوفاً من سطوة هذا العملاق اليهودي الجبار.. *** هكذا ترسم لنا الأسطورة شكل وطريقة البطل أو البطولة اليهودية.. إن هذه الأسطورة التوراتية الدينية ترمز إلى سمة القداسة على كل ما هو يهودي.. ومن المؤسف ان هذه الأساطير اليهودية المقدسة دخلت صميم الثقافة الغربية وأدبياتها فحكاية شمشون، ودليلة، ومعركة فك الحمار هذه كان قد استوحاها رسام البلاط الانجليزي الفنان الشهير «انطون فان ديك».. في القرن السادس عشر فرسمها كرمز للبطولة والشجاعة المقدسة وهذه اللوحة تعتبر من أثمن اللوحات العالمية اليوم.. وهكذا فإن «شماشين» اليوم وأبناء الأساطير والشعوذات اليهودية القديمة يمارسون ما كان يمارسه أبطال أساطيرهم الأولى، فيحرقون ويدمرون بالقنابل الفسفورية، والقنابل العنقودية، وكل وسائل القتل المحرمة، ويستخدمون فوق ذلك الوساخة والقذارة فيملأون صهاريج السيارات بمياه البواليع والمياه الملوثة يحاولون قمع وتلويث كرامة المحتجين على اغتصاب وسرقة أراضيهم وبيوتهم - تماماً كما كانوا يحاربون بالثعالب وعظام الحمير وهم يفعلون ذلك اليوم اقتداء بسنة بطلهم شمشون الذي يعرفه صغارنا أكثر مما يعرفون عن رموزنا التاريخية.. بل اننا نجد بعضاً من مدعي التنوير والعقلنة، لدينا يمارسون الأسلوب نفسه في محاولة تنجيس وتدنيس تراثنا، ولا يستنكفون أبداً من يكونون تلامذة نجباء لشمشون اليهودي القديم.