في زمن مضى، كنا نتحدث عن الواقعة المحزنة كقضية غريبة.. وقعت في بيت أو حارة أو زقاق، تتداولها المنابر والدوائر.. والمجالس والمدارس والأزقة والشوارع والحارات.. وربما احتفظ التاريخ لعقود باسم صاحب الحدث وسمي الشارع أو الحارة وربما القرية أو المدينة باسمه.. وخلّدته الأمثال والحكايات الشعبية كواقع بحجم الأسطورة والخرافة التي لا تُصدق! اليوم ما عاد يرمش لإنسانية الإنسان جفن لما يروى أو يرى ويُسمع.. ما عاد أي حدث يحرك ساكناً أو يسكّن متحركاً.. أنت اليوم تتصبح وتتمسى بالنوازل والوقائع والفواجع والمواجع في وسائل الإعلام كل يوم.. تبث على الهواء.. وتذهب في الهواء.. فلا يعبأ أحد بطولها وعرضها.. وجزرها ومدّها! ما عاد إنسان اليوم يأبه لشيء.. ولا يستكثر شيئاً مما يحدث فوق الأرض وتحت الشمس.. حينما كنا محررين ومخبرين، تحت التمرين، كان يقول لنا سعادة رئيس التحرير: «انخلوا الأرض.. غربلوها.. جيبوا لي قضايا.. مصائب.. كوارث.. المحرر المضبوط هو من تتوفر فيه حاسة الشم مثل بطل مسلسل (حمّام الهنا). السيد (بدري بيك أبوكلبشة).. أو مثل كلاب الحراسة! فتحوا عيونكم وشمشموا»! يعني يريدنا بالعربي أن (نشم)! لو قالها اليوم لرفعنا عليه قضية (تحريض) على تعاطي المخدرات.. لكن، من حسن حظه أن ذلك الزمن (البريء)، بجهالاته وغفلته، لم يكتشف بعد الفواحش ما ظهر منها وما بطن! هل توارت إنسانية الإنسان؟! سؤال بسيط و(عبيط)!! ما عاد محرر أي صحيفة يبحث عن أخبار المصائب.. المصائب اليوم هي التي تبحث عنه.. وعنك.. وعني.. جديد اليوم هو ما لم يحدث، وقد حدث كل شيء! ................ ** آخر السطور: اعتذر إليكم عن تعكير الجو، لكنه كما تعلمون، موسم تغيّر الفصول.. «مرتني الدنيا.. بتسأل عن خبر.. ما به جديد.. ................ لا طاحت نجوم السما.. ولا تاه في الظلما قمر.. لا تاقف الدنيا.. وتسأل عن خبر.. ما به جديد!!