أسوأ شيء يمكن ان يقع لفتاة مراهقة في هذا العالم ان تصاب بناسور ولادي يحيل حياتها إلى جحيم ويجعل الجميع ينفرون منها بسبب الروائح المنفرة التي تنبعث منها. ذلك ما حدث للأثيوبية ماميتو قاشي قبل أربعة عقود. ولكن الشيء المدهش حقاً عن ماميتو ليس هو ما تحملته ولكن ما حدث لها بعد ذلك وماذا أصبحت الآن. تبدأ قصة ماميتو عندما كانت فتاة ريفية غير متعلمة في الخامسة عشرة من عمرها في قرية إثيوبية نائية لا يسهل الوصول إليها عبر الطريق ولا يوجد بها طبيب. تزوجت ماميتو من رجل بالقرية وحملت منه وبعد ثلاثة أيام من آلام الطلق دخلت في غيبوبة وولدت طفلاً ميتاً. وتتذكر ماميتو» بعد أن صحوت كان السرير مبللاً بالبول. اعتقدت بان وضعي سوف يتحسن بعد يومين أو ثلاثة ولكن ذلك لم يحدث». تلك هي حالة الناسور الولادي النمطي: فتاة مراهقة في الغالب مصابة بفقر دم وبحوض غير مكتمل النمو تحاول انجاب طفلها الأول.الجنين يعجز عن الحركة والتقدم وبعد عدة أيام من المعاناة من آلام الطلق يولد ميتاً ولكن بعض الانسجة الداخلية للأم تصاب بالضرر في ذلك الوقت وتصاب الأم بسلس البول والغائط.وسرعان ما تفوح منها رائحة نتنة. في العادة يهجرها زوجها وإذا ما بقيت على قيد الحياة على كل حال يطلب منها بناء كوخ بعيد عن بقية أكواخ القرية وان تبتعد عنها. بعض الفتيات يمتن من العدوى أو يلجأن لوضع نهاية لحياتهن ولكن العديد منهن يعشن لعقود على هامش الحياة.وقد كانت حالات الناسور شائعة في أمريكا في القرن التاسع عشر. ولكن مع تقدم الرعاية الطبية أصبحت هذه الحالات شيئا من الماضي في الغرب بينما قدرت الأممالمتحدة عدد المصابات بالناسور في العالم بمليوني فتاة وامرأة في العالم النامي معظمهن في أفريقيا.هذا الوضع يمثل فضيحة دولية لان عملية لا تزيد تكلفتها عن 300 دولار كفيلة بإنهاء هذه المعاناة وإصلاح الضرر. ولا بد من القيام بجهد لتحسين الصحة الإنجابية في العالم النامي من اجل القضاء على الناسور الولادي وخفض الوفيات بين المواليد إلى النصف خلال عقد لانقاذ 300,000 روح في العام.ولكن الصحة الإنجابية مهملة كما أن من يعانين من الناسور ليس لهن صوت تماماً فهن شابات صغيرات في السن ومن بيئات ريفية فقيرة. ويمكن ان نطلق عليهن «مجذومات» القرن الواحد والعشرين. وقد كانت ماميتو محظوظة بشكل استثنائي عندما وجدت من أحضرها لمستشفى في أديس أبابا يقوم فيها الزوجان الطبيبان الأستراليان ريغنالد وكاثرين هاملين المتخصصان في أمراض النساء والولادة بإجراء هذا النوع من العمليات مجاناً.وبعد إجراء العملية قبل 42 عاماً منحت ماميتو وظيفة معدة أسرة في المستشفى. ثم أخذت تساعد فريق العاملين في الجراحة بالمستشفى وبعد عامين من مراقبة الفريق سمح لها ريغنالد بقطع بعض الغرز. وبعد فترة من المراقبة والممارسة أصبحت ماميتو قادرة على القيام بعملية إصلاح الناسور بأكملها بنفسها. ومع مرور السنين أصبحت ماميتو واحدة من الجراحين الأكبر خبرة في جراحات الناسور في العالم. واصبح أخصائي أمراض النساء والولادة من سائر أنحاء العالم يذهبون لمستشفى أديس أبابا للتدرب على إجراء عمليات الناسور وتقوم ماميتو بالإشراف على تدريبهم. وقبل سنوات قلائل وبعد ان تعبت من كونها كبير جراحين غير متعلم التحقت ماميتو بمدرسة ليلية وهي الآن طالبة مجتهدة بالصف الثالث. وبقي ان نعرف بان الناسور هو فتحة تشبه الأنبوب الشاذ، عادة ما تكون بين المرارة والمهبل، وتتسبب في سلس البول والبراز الخارج عن السيطرة. وتكون الرائحة والطفح والالتهابات مجرد تذكار إضافي بعمليات ولادة متعسرة تؤدي في الغالب الأعم إلى ولادة الجنين ميتا. وفي أفريقيا جنوب الصحراء وفي جنوب آسيا حيث يحد الفقر من وصول المرأة إلى خدمات الصحة الإنجابية، يمثل الناسور الولادي مشكلة مروعة. ويتسبب الناسور الولادي في العزلة الاجتماعية للنساء اللواتي يعانين منه جراء رائحة البول والغائط. ٭ (نيو يورك تايمز)