تنوعت عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم كنظامٍ للحكم ومنهج للحياة وإصلاحٍ للمجتمع في مجالات شتَّى: ففي مجال التعليم العالي أقيمت كليات وأقسام للقرآن الكريم وعلومه. وفي مراحل التعليم المختلفة أقيمت مدارس خاصة بتحفيظ القرآن الكريم ابتدائية ومتوسطة وثانوية فضلاً عن تعليم القرآن الكريم وتفسيره في مراحل التعليم المختلفة. واستمراراً لهذا المجال ما تقوم به الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في أنحاء المملكة، بإشراف من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بدعم سخي من ولاة أمر هذه البلاد المباركة وأهل الخير والإحسان في دولة القرآن. ومن مجالات هذه العناية تنظيم المسابقات في تلاوة القرآن الكريم وحفظه وتفسيره، محلية ودولية. ومن مجالات العناية بالقرآن الكريم طباعة القرآن الكريم في مجمعٍ فريد من نوعه في العالم، وتسجيله صوتياً بأصوات مهرة المقرئين، وترجمة معانيه إلى اللغات المختلفة. ومن مجالاته العناية بطباعة القرآن الكريم بطريقة برايل للمكفوفين. وتصوير أجزاء مفسرة لمعاني قصار سور المفصل منه للصم والبكم. وفي المجال الإعلامي تتصدر قناة القرآن الكريم أبرز المعالم والشواهد الظاهرة على هذه العناية مكملة دور إذاعة القرآن الكريم بإسماع المسلمين آيات مجوَّدة ومرتلة ومفسرة لكتاب الله تعالى. وفي امتدادٍ لهذه العناية تأتي موافقة ومباركة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - على تنظيم الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه (تبيان) الملتقى التنسيقي الأول للمؤسسات العاملة في خدمة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، اليوم الأربعاء 12/5/1433ه" بمبنى المؤتمرات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض " بمشاركة أكثر من (100) جهة ومؤسسة متخصصة في خدمة القرآن الكريم وعلومه في بلد مترامي الأطراف حظي بشرف الرسالة والمكان ونزول القرآن ، ومبعث النبي العدنان محمد بن عبدالله - عليه الصلاة والسلام - تتنوع فيه الجهود العلمية والعملية في تعلم القرآن وتعليمه ومدارسَته يواكب ذلك ثورة معلوماتية كبيرة ، وتقنيات حديثة ساهمت في تعليم القرآن الكريم وتعلمه ما يحتم القيام بمبادرات رسمية وخيرية لإقامة مثل هذا الملتقى الذي يهدف إلى التعريف بجهود المملكة العربية السعودية في خدمة القرآن عبر مؤسساتها الرسمية والأهلية، والتعريف بجهود الجمعيات والمؤسسات العاملة في خدمة القرآن الكريم، وتطوير مستوى الجهود والتجارب المبذولة لخدمة القرآن الكريم، وتنسيق جهود المؤسسات القرآنية العاملة في هذا المجال الذي يعنى بكتاب الله تعالى. وهذه خطوة مباركة، وتجربة فريدة، وسبق مبارك من "تبيان" أسأل الله أن ينفع به البلاد والعباد. وإني لأهتبل هذه الفرصة المباركة لأقدم بعض المقترحات لهذا الملتقى وما بعده علَّ الله أن ينفع بها. ومنها: أولاً: قيام وزارة التعليم العالي بإنشاء هيئة تنسيقية لكليات القرآن الكريم وأقسامها والجمعيات العلمية والكراسي البحثية المتعلقة بالدراسات القرآنية بالمملكة. ثانياً: عقد لقاء سنوي بالتناوب بين الجهات والمؤسسات يتم فيه دراسة المستجدات في الدراسات القرآنية. ثالثاً: إنشاء مركز بوزارة التعليم العالي أو إحدى الجامعات للرد على الشبهات المثارة على القرآن الكريم، وكذا لبيان خطر وتجريم الإساءة له. رابعاً: إعداد خطط استراتيجية وتقييمية بمراجعة وتقييم مناهج أقسام وكليات الدراسات القرآنية والتعليم العام وحلق تحفيظ القرآن الكريم وتطويرها وفق مستجدات العصر. خامساً: إعداد قاعدة بيانات للمختصين في الدراسات القرآنية في المملكة والتعريف بهم وإبراز جهودهم والإفادة من خبراتهم في المناهج والاستشارات والإشراف العلمي على الرسائل والبحوث الجامعية والدراسات الميدانية والتقييمية. سادساً: إبراز التجارب الناجحة لدى الجهات والإفادة منها، وطباعتها في كتيب سنوي لإبراز المستجد منها، وتطوير بعضها. ثامناً: عقد الشراكات مع المؤسسات التجارية والاجتماعية لرعاية البرامج والابتكارات التقنية لتعليم القرآن الكريم والإشراف عليها. تاسعاً : إنشاء مركز لرعاية الموهوبين والمبدعين في الدراسات القرآنية وإبراز جهودهم وتكريمهم . عاشراً : إنشاء قناة فضائية للقرآن الكريم ونشر أخلاق هديه وعلومه ، وما يستجد في حياة الناس من سلوكيات وتناولها من منظور قرآني رباني والإفادة من المختصين والباحثين في الدراسات القرآنية . إلى غير ذلك من البرامج والمقترحات التي سيذكر بعضها في ثنايا أعمال وورش الملتقى، وأهم من ذلك كله أن تكون قابلة للتنفيذ، واقعية في الطرح. وختاماً: هنيئاً "لتبيان" هذه الجهود، وهنيئاً لأهل القرآن وللوطن بهذا الملتقى. * إشراقه: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: "فضل الله القرآن، ورحمته أن جعلكم من أهله" وقال هلال بن يساف: "فضل الله بالإسلام الذي هداكم، وبالقرآن الذي علمكم". جعلنا الله من خُدَّام كتابه، وناشري هديه، وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. *أستاذ القرآن وعلومه المساعد بجامعة الإمام عضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه "تبيان"