المراقب لأداء وزارة التعليم العالي يلمس عن قرب انّه أداء يحتاج إلى أكثر من وقفة، فهو أداء يتوزع بين عدد كبير من المجالات والمحاور التي تجعل المتابع لعطاءات هذه الوزارة يحتار كيف أمكن للقائمين عليها الإمساك بخيوط تلك الإنجازات وذلك العطاء المتميز. ولعلّ تجربة الابتعاث وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي وما يرتبط به من تحضيرات ومتابعات خلال تنفيذ البرنامج وجهود متميزة لما بعد تنفيذ البرنامج يحس بالفخر حقاً ويدرك يقيناً أنّ بإمكان الفاعلين تحقيق تطلعات خادم الحرمين الشريفين التي لا تعترف بالحدود بل تتعداها إلى كل ما يخدم المواطن السعودي ذكراً كان أو أنثى. والمتابع لأداء الملحقيات الثقافية خارج المملكة ودورها في التعريف بالوطن أولاً وبمشاهده الثقافية والعلمية ثانياً، والعناية والرعاية لأبناء وبنات هذا الوطن طالبي المعرفة في بلاد العالم الواسعة يحس أيضاً بأنّ من حق هذه الوزارة ومسؤوليها علينا جميعاً تقديم الشكر وعظيم الامتنان. وعندما تنكب أنظارنا على الداخل لنعلم حجم التطور والنمو كماً ونوعاً في مؤسسات التعليم العالي الحكومية منها والخاصة، وهذا التميز في تخصصات تلك المؤسسات التعليمية العالية ودورها في توطين الوظائف وتحقيق تطلعات المليك في توفير فرص وظيفية مفيدة للوطن وللمواطن أيضاً تحقق معالجة سريعة لمشكلات البطالة التي يواجهها الوطن ولا يقبلها ولي الأمر فيه، يدرك يقيناً أنّ هذه الوزارة – وزارة التعليم العالي – تمتلك بحق قدرات وطنية مؤهلة وذات كفاءات عالية استطاعت أن تحقق المزيد من أجل وطن لا يقبل إلاّ بالتميز فهذا قدره، وهذا مطلب قيادته الرشيدة. ومما زاد من إعجابي شخصياً بأداء وزارة التعليم العالي ما تقوم به من دور رشيد في مسألة ربط خريجي الجامعات المحلية والعالمية من أبناء هذا الوطن بمجالات التوظيف ومحركات سوق العمل من خلال برامج أيام المهنة التي تنفذها الجامعات محلياً كما تنفذها عدد من الملحقيات خارجياً، وهو دور في نظري يستحق التوقف والإشادة، فهذه البرامج وخاصة ما يرتبط منها بخريجي الجامعات الأجنبية يمثل في نظري عنصراً رئيسياً لتوطين الوظائف ويساهم بقوة وجسارة في تحقيق معادلة إيجابية تتجه نحو توطين الوظائف وتحقيق أحلام الوطن الواقعية في أن يكون المواطن السعودي هو الموظف في كل مكان، مما يحقق دعماً اقتصادياً لهذا الوطن العزيز من خلال ضخ تلك الكفاءات المدربة والمؤهلة في سوق العمل. ولعلّ في هذه التجربة " أيام المهنة في الخارج" التي تتزامن عادة مع احتفالات التخرج تمثل في نظري خروجاً إيجابياً من وزارة التعليم العالي "على النص"، ذلك أنها لم تتوقف عند حد تنفيذ التوجيهات الكريمة بتنفيذ برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي وإنما تعدته أيضاً إلى العمل على توفير فرص عمل جديدة للشاب والشابة السعودية خريجي ذلك البرنامج، وهو أمر في نظري يحقق بعدين مهمين: الأول منهما يتركز في خدمة ذلك الشاب والشابة في التعرف على مجالات العمل المتاحة – الحكومية منها والخاصة – كما يركز الثاني منهما على العلاج الاستباقي لمشاكل البطالة في الوطن، والتي يمكن أن تكون تلك الأعداد الكبيرة من خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي جزءاً مهماً منها وأحد مكونات تلك البطالة. إذاً عملت الوزارة على توفير فرص مواصلة الدراسة الجامعية والعليا لأبناء وبنات الوطن " وهو من صميم عملها". كما عملت في الوقت نفسه على المساعدة في توفير فرص العمل لأولئك الخريجين "وهو غير مرتبط بمجالها" لكنها زيادة في الدور الوطني الإيجابي وحرص على مصلحة الوطن والمواطن وتعاون إيجابي مثمر مع القطاعات التنموية الأخرى في وطننا العزيز، لتحقيق تطلعات والد الجميع خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله – القاضية بالتأكيد على خدمة المواطن وخدمة الوطن. أجزم أنّ جهداً ضخماً تقوم به هذه الوزارة في مجالات عدة جدير بمزيد من الشكر والتقدير والامتنان لمعالي وزيرها ولمعالي نائبه ولكافة العاملين بها، فهو عمل جبار قد لا تتمكن من القيام به عدة قطاعات أو وزارات، بينما تحملته باقتدار وكفاءة وزارة التعليم العالي، فشكراً لكل من يعمل بها.