بعد الولادة * زوجتي تبلغ من العمر 42 عاماً ، المشكلة التي تُعاني منها أنها بعد ولادتها الثانية أصيبت بحالة هستيرية ، وذهبنا بها إلى طبيب نفسي ، وتم إدخالها إلى المستشفى لأن الطبيب شخصها بأنها تُعاني من اضطراب ذُهاني وقد بقيت لفترة استمرت أسابيع في المستشفى ، وقد تكرر هذا في ولاداتها التي تلت تلك الولادة. أريد إجراء ربط قنوات فالوب ، لأني لا أريد أطفالاً أكثر فعندنا ولله الحمد ستة أطفال ، وكما شرحتُ لك بأنها تُصاب بنوبة يقول الطبيب النفسي بأنها نوبات ذُهانية ويستدعي ذلك إدخالها إلى المستشفى لعدة أسابيع وتتناول أدوية مضادة للذهُان مما يمنعها من إرضاع طفلها أو طفلتها. أريد أن أعرف ماهي هذه النوبات الذُهانية والتي لا تحدث إلا بعد الولادة ، وهل لها علاقة بالهرمونات وهل لها أيضاً علاقة بالوراثة؟. وهل يجب عليها أن تستخدم العلاج لفترةٍ طويلة بعد هذه النوبات؟ ص.ذ - الاضطرابات الذُهانية بعد الولادة أمرٌ معروف منذ قديم الزمن ، بل ان بعض الأطباء الاغريق تحدّثوا عن هذه الاضطرابات التي تُصيب المرأة بعد الولادة. الاضطرابات النفسية التي تُصيب المرأة بعد الولادة متنوعة ومتعددة ؛ فهناك ما يُعرف بالاكتئاب البسيط الذي يأتي معظم النساء ، حيث ان بعض الدراسات تقول بأن ما يُقارب من 80% من النساء يصبن بالكآبة البسيطة بعد الولادة وفي اليوم الثالث على التحديد ، أما النوبات الشديدة وهو ما يُعرف بالاضطرابات الذُهانية ، وتأتي هذه الاضطرابات الذهانية على ثلاثة اشكال ؛ اولاً : ما يُعرف بأنه يشبه مرض الفُصام بأعراضه وسلوكياته التي تجعل الأهل يُصابون بالتشوّش نظراً لأنهم لا يعرفون ماتُعاني منه المرأة التي ولدت وكانت قبل الولادة إنسانة طبيعية وفجأة بعد الولادة تحولت حسب وجهة نظر الأهل إلى شخص "مجنون" ، وفي هذه الحالة فإن هناك خطورة على الوليد من أن تؤذيه والدته نظراً لأنها ليست في حالة عقلية سوّية ، لذلك يجب أن يُفصل الوليد عن والدته حتى تتحسن حالة الوالدة ، ولكن قد يكون من المفيد أن ترى الوالدة وليدها تحت إشراف ومراقبة الممرضات وكذلك الأهل حتى لا تختلي بالوليد وتؤذيه دون وعي منها. المرأة التي يحصل لها هذا النوع من الاضطرابات فهي بحاجة للدخول للمستشفى وتلقي العناية الطبية النفسية وتحتاج غالباً لأدوية مضادة للذُهان. النوع الثاني: وهي الحالة التي تُشبه أعراض نوبات الهوس ، وفي هذه الحالة ايضاً تُشكّل الوالدة خطورة على وليدها وأيضاً تحتاج إلى إلى الدخول إلى مستشفى نفسي أو قسم نفسي وتحتاج إلى أدوية نفسية لعلاج هذه الأعراض ، ويجب عدم تعريض الوليد للخطر بتركه مع والدته لوحدهما لأن هناك خطورة على حياة الوليد. النوع الثالث: وهو الاكتئاب الشديد جداً ، وفيه أيضاً تعاني من كآبة شديدة وفي هذه الحالة قد تُعرّض الوالدة حياتها وحياة وليدها للخطر ، لأنها تكون في حالةٍ نفسية سيئة جداً ، وربما تُقدم على الانتحار وأيضاً قد تؤذي وليدها ، لأن تفكيرها يكون مشّوشاً وتعتقد بأنها عندما تنتحر وتُنهي حياة طفلتها بأنها تُريحها من حياةٍ كئيبة. في هذه الحالة تحتاج الوالدة إلى أن تدخل إلى مستشفى نفسي أو قسم نفسي في مستشفى عام ، وتكون تحت المراقبة المستمرة طيلة فترة علاجها وربما تحتاج إلى العلاج بالجلسات الكهربائية وكذلك الأدوية المضادة للاكتئاب. بوجهٍ عام المرأة معرضّة بشكل كبير لأن تتعرض لاضطرابات نفسية بعد الولادة ، نظراَ للتغيرات الهرمونية التي تحدث للمرأة بعد الولادة ، ولذلك يجب على الأهل مراقبة الحالة النفسية للمرأة بعد الولادة ، خاصةً إذا كانت هذه الأم تُعاني من اضطرابات نفسية قبل الولادة ، أو أنها مُصابة بمرض نفسي ، حيث إن حدوث انتكاسة للمريضة بعد أن تلد أمراً وارد جداً ، ونسبة النساء اللاتي يعانين من اضطراب نفسي لأن يصبن باضطراب نفسي أو عقلي بعد الولادة مرتفع ، مقارنةً بالسيدات اللاتي لا يُعانين من أي أضطراب نفسي أو عقلي. كذلك المرأة التي لديها تاريخ عائلي من الأمراض النفسية خاصةً إذا كان هناك أحد قريبات المرأة أصيبت باضطراب نفسي أو عقلي بعد الولادة ، فإن نسبة الإصابة لهذه المرأة بعد الولادة بأن تُصاب باضطراب نفسي أو عقلي أمر وارد ، خاصةً إذا كانت والدتها أو إحدى شقيقاتها أو خالاتها عانت من اضطرابات نفسية أو عقلية بعد الولادة. نظراً لأن هذه الاضطرابات منتشرة بين النساء بعد الولادة ، وبعض الحالات تكون الاضطرابات النفسية والعقلية فيها شديدة وتحتاج لعلاج ، لذلك يجب ملاحظة السيدات اللاتي يبدو عليهن أي علامات أو أي سلوك غير طبيعي ومتابعة حالاتهن للتأكد من أنهن في حالة جيدة ولا يحتجن إلى العلاج أو التدخل الطبي النفسي. بعض حالات المريضات اللاتي يُصبن ببعض الاضطرابات النفسية بعد الولادة لا يكن بحاجة للعلاج أو الدخول إلى المستشفى ، بل ان ما يُعانين منه هو كآبة أو قلق بسيط يذهب من تلقاء نفسه دون الحاجة لتناول أي علاج. بشكلٍ عام لا تستدعي الإصابة بالاضطرابات بعد الولادة عند النساء إلى أن تتناول المريضة العلاج طول العمر أو لفترة طويلة. غالباً بعد فترة تستمر أشهرا يتم تخفيض العلاج بالتدريج حتى يتم إيفاف العلاج ولكن تبقى هذه المرأة تحت المراقبة خشية أن يحدث لها انتكاسة قد تضر بها وبوليدها.