على الرغم من أهمية الكهرباء وما توليه المملكة من اهتمام في هذا الجانب، إلا أنه لا يمكن إغفال المخاطر الكهربائية وما تشكله من خطورة بالغة على سلامة مستخدميها وممتلكاتهم وما يمكن أن تكبده من خسائر كبيرة في حال حدوثها لاسمح الله، ولمناقشة هذا الموضوع كان لنا هذا اللقاء مع سعادة الدكتور صالح بن حسين العواجي- وكيل وزارة المياه والكهرباء لشؤون الكهرباء: * بدايةً كيف تقيمون مايعرض في أسواقنا من منتجات كهربائية، وكذلك التشريعات الرقابية على القطاع الكهربائي؟ - قد يوجد قصور في معظم أسواق دول العالم، في تطبيق التشريعات، ولذلك يلاحظ وجود بعض المنتجات المغشوشة أو الرديئة في أسواق العالم، ولكن الأمر يختلف من دولة إلى أخرى، وذلك في إجراءات الرقابة على الأسواق، أو في سحب العينات وفحصها من وقت إلى آخر، وكذلك في سحب المنتجات المخالفة من الأسواق، وإتلافها، وفرض العقوبات الصارمة على المستوردين أو المصنعين، ولابد من وجود آلية فاعلة لمراقبة الأسواق السعودية. وفيما يخص التشريعات الرقابية في القطاع الكهربائي، فيوجد العديد من المواصفات القياسية السعودية للمنتجات الكهربائية، كما أن كود البناء السعودي قد تم اعتماده وهو يشتمل على المتطلبات الفنية للتمديدات الكهربائية وكفاءة الطاقة في المباني. * حدوث الحرائق في بعض المنشآت الحيوية مثل المدارس والمستشفيات والفنادق بسبب ماس كهربائي، يعتبر خطرا بالغا، أين التشريعات الحكومية للحد من هذه الحوادث؟ - إن الحوادث الكهربائية بشكل عام مشكلة يجب التفكير في ايجاد حلول للحد من حدوثها، واتفق معك حول اختلاف المدارس والمستشفيات والفنادق عن غيرها من المنشآت الأخرى، وذلك بسبب طبيعة هذه المنشآت ومرتاديها، وفي حال حدوث حرائق فيها لا قدر الله، فإن ذلك قد يتسبب في حدوث خسائر بشرية كبيرة، ولكن أؤكد هنا أن التشريعات متوفرة وتم اعتمادها، ويتبقى فقط تطبيقها بشكل فاعل، مع تأكيدي على أن الجهات الرقابية المعنية تقوم بدور كبير لتطبيقها والحد من هذه الحوادث وذلك وفقاً للإمكانيات المتوفرة لديهم. * ماهي الإمكانيات التي تقصدها بكلامك، وكيف يمكن لهذه الجهات تطويرها للوصول إلى تفعيل مناسب لتطبيق التشريعات التي تعمل على الحد من هذه الحوادث؟ - أعني بذلك إمكانيات بشرية وأخرى تتعلق بالإمكانيات المادية، فمن المعلوم للجميع بأن المشاريع الانشائية بالمملكة العربية السعودية كبيرة وتحتاج إلى عدد كبير لتطبيق التشريعات المنظمة للتمديدات الكهربائية، ومراقبة وتداول الأجهزة والمنتجات الكهربائية في السوق، وهنا أؤكد على أهمية خطط وبرامج لبناء القدرات الفنية، وزيادة المعلومات والمعرفة بوسائل السلامة وطرق تطبيقها في جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وكذلك في القطاع الخاص، الذي يجب أن يكون له دور في الرقابة على الأسواق، سواء من خلال المختبرات الخاصة، أو جهات التفتيش على المنشآت والأسواق، وهو الأمر الذي سيدعم الجهات الحكومية الرقابية. * كيف يمكن للقطاع الخاص المساهمة في الرقابة على الأسواق، والحد من المنتجات المغشوشة أو الرديئة؟ - كثيرٌ من دول العالم تعتمد في رقابة الأسواق على القطاع الخاص وذلك بتأهيل عدد من المختبرات وجهات التفتيش الخاصة وفقاً للمواصفات الدولية المنظمة لهذه الخدمات، حيث تعتمد المختبرات وفقاً للمواصفة الدولية آيزو 17025، وجهات التفتيش وفقاً للمواصفة الدولية آيزو 17500، التي تم اعتمادهما من ضمن المواصفات القياسية السعودية، وبهذا تكون نتائج هذه الجهات المعتمدة موثوقا بها، ويقوم القطاع الحكومي بالرقابة على نتائج هذه الجهات، ولها الحق في إعادة الفحص أو التفتيش للتأكد من هذه النتائج متى ما رأت ذلك، وبالتالي تصبح الجهود أكبر وذلك بتسخير إمكانيات بشرية ومالية أكبر. * القصور في إجراء التفتيش على التمديدات الكهربائية، أحد أهم أسباب حدوث الحرائق في المنشآت، ياترى أين المشكلة هل هي من طرف المصمم أم المنفذ أم في المنتجات التي يتم استخدامها في ذلك؟ - طبعاً جميع ماذكرت أسباب رئيسية في كثير من الأحيان، ولكن الأهم هو ضرورة إجراء التفتيش بالطرق المهنية على المباني للتأكد من تطبيق متطلبات كود البناء السعودي الفنية، وضرورة استخدام منتجات كهربائية مطابقة للمواصفات القياسية السعودية ذات العلاقة، ويلاحظ أحياناً أن التصاميم الهندسية لا تعكس المتطلبات الفنية المنصوص عليها في كود البناء السعودي وذلك لعدم معرفة المهندسين العاملين في بعض المكاتب الهندسية بهذه المواصفات، بل ان بعض هؤلاء المهندسين يطبق كودات البناء المطبقة في بلدانهم، وهنا تكمن الحاجة في تطوير وتأهيل قدرات المهندسين العاملين في المكاتب الهندسية والاستشارية لتكون على علم ودراية بمتطلبات كود البناء السعودي، وبالتالي تطبيقها في التصاميم الهندسية، كما لا أنسى ضرورة تأهيل الفنيين العاملين في شركات المقاولات، ويأتي كذلك دور التفتيش على المباني أثناء تنفيذها وبعد إتمامها وذلك لمساعدة أصحاب هذه المنشآت على تقييم أعمال المقاولين. * كيف تقيمون المنتجات الكهربائية المصنّعة محلياً، خصوصاً أن حجم الصناعة السعودية في القطاع جيد؟ - يوجد في المملكة العديد من المصانع في القطاع الكهربائي جيدة، وبعض منتجاتهم تنافس المنتجات العالمية عالية الجودة، ويسعون إلى تحقيق متطلبات المواصفات القياسية السعودية، إلا أن بعض المصانع المحلية بحاجة إلى تكثيف الجهود الفنية لبناء قدراتهم الفنية وتأهيل العاملين فيها للتعرف بشكل أكبر على المواصفات القياسية السعودية ذات العلاقة بنوعية منتجاتهم. وهنا أود أن أدعو هذه الشركات الصناعية للتواصل مع الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة للحصول على المواصفات القياسية ذات العلاقة بمنتجاتهم، وحضور الدورات التدريبية التي تنفذها الهيئة بين الحين والآخر. * يقال ان هناك مصانع غير نظامية تقوم بإنتاج منتجات كهربائية رديئة وخطيرة، وتدار بواسطة عمالة مخالفين لنظام العمل في المملكة، كيف يمكن الحد من هذه الظاهرة إن كانت موجودة؟ أنا شخصياً لم أطلع على مثل هذه الأمور ولكنني لا أستبعد ذلك، فكما ذكرت سابقاً، فإن المملكة مترامية الأطراف والجهات الحكومية المعنية برقابة هذا القطاع لديها إمكانيات محدودة، وقد يكون من المناسب البحث عن أساليب وأدوات لرصد الصناعة المحلية ومتابعتها بهدف تطويرها لتكون بمستوى جيد من الجودة للمنافسة عالمياً، وهنا بكل تأكيد سيضيق الخناق على مثل الممارسات غير النظامية ولن يتمكنوا من تسويق منتجاتهم محلياً ولا خارجياً. ومن الضروري تكاتف جميع الجهات الحكومية مع بعضها البعض لتحقيق السلامة للمستهلكين وسلامة البيئة، ويمكن لبعض الجهات بحكم اختصاصها أن تساهم في دعم جهود الجهات المعنية. * هل يمكن لوزارة المياه والكهرباء أن تتعاون مع الوزارات المعنية بالرقابة على المنتجات الكهربائية؟ - وزارة المياه والكهرباء لن تألو جهداً لتقديم ما يمكن تقديمه من خلال امكانياتها للتعاون مع جميع الجهات الحكومية متى طلب منها ذلك، بل إن الوزارة تقوم بجهود كبيرة في هذه المجالات من منطلق دورها، وذلك في مجال التوعية، والتدريب، واجراء الدراسات اللازمة لدعم هذه الأنشطة والجهات، حيث تقوم الوزارة حالياً بدراسة لبحث آليات للتأكد من سلامة التمديدات الكهربائية، ووسائل رفع كفاءة الطاقة في المنشآت تفعيلاً لكود البناء السعودي في هذين المجالين. كما أن الوزارة تقوم بشكل دوري بتنظيم ندوات متخصصة في مجال السلامة الكهربائية ورفع كفاءة الطاقة، وتدعو جميع الجهات المعنية للمشاركة فيها، والاستفادة من الخبرات الدولية، ولمناقشة المواضيع المرتبطة بالسلامة وكفاءة الطاقة وسبل تفعيلها وتحقيقها على أرض الواقع من خلال التعاون مع الجهات الرقابية المعنية. * هل لنا ببعض التفصيل حول الندوات التي تنظمونها، وماهي المحاور التي يتم التطرق لها ومناقشتها، وهل هناك توصيات، ومتابعة لهذه التوصيات؟ - تنظم الوزارة العديد من الندوات وورش العمل ذات العلاقة بقطاع الكهرباء أما فيما يتعلق بموضوعات ندوة خبراء السلامة الكهربائية، فقد عقدت الندوة الأولى العام الماضي بعنوان"السلامة في التمديدات الكهربائية لماذا وكيف"، وتم التوصل إلى عدد من التوصيات، وجارٍ العمل على تنفيذها، كما نعمل حالياً للإعداد للندوة الثانية التي تقرر أن تركز على السلامة الكهربائية في المنشآت (الخدمية، والتعليمية، والصحية، والعامة)، وستعقد الندوة في فندق شيراتون الرياض خلال المدة 4-5 ربيع الثاني 1433ه الموافق 27-28 مارس 2012م.