تأتي أهمية الفيلم الجديد (تغيرت اللعبة-Game Change) على الأقل بالنسبة لجمهوره الأمريكي المستهدف في المقام الأول، من ناحيتين، فهو يحكي تجربة سياسية قريبة وحاضرة في وجدان الأمريكيين، كما أنه يسلط الضوء على شخصية سياسية كانت مثار جدل كبير في أهليتها وكيف وصلت إلى هذا المرتفع السياسي، كان ذلك حاضراً في سياق العديد من الأحاديث التي يختلف ضيوفها من خبراء بالسياسة إلى اقتصاديين ومؤرخين وكتّاب وحتى فنانين، لكن الأمر الذي كان حاضراً في الغالب هو السخرية من هذه الشخصية، سارة بالين. فيلم تلفزيوني آخر من مجموعة "إتش بي أو" التلفزيونية التي قدمت لنا في عام 2010م "أنت لا تعرف جاك" من إخراج باري ليفنسون، و"تيمبلغراندين" من إخراج ميك جاكسون، ما أعاد إلى الأذهان القوة الحقيقية لأفلام التلفزيون التي وإن لم تستطع تحقيق منافسة حقيقية لأفلام السينما، إلا أنها تظل مهمة للصناعة الترفيهية والفنية بشكل عام. "جوليان مور" تتقمص شخصية "سارة بالين" وهي الضليعة بتقمص الشخصيات، بصحبة اثنين من كبار الممثلين إد هاريس في دور "جون ماكين" المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2008م، و"وودي هاريلسون" في دور "ستيف شميدت" المستشار الاستراتيجي لحملته الانتخابية، في فيلم يقتبس أحداثه من الكتاب الذي حقق مبيعات هائلة لداني سترونغ، مع مشاركة كل من مارك هالبين وجون هيمان في الكتابة، وإخراج "جاي روتش" الذي سبق وأن أخرج أفلاماً كوميدية يعرفها جمهور السينما جيداً مثل سلسلة العميل السري "أوستن باورز"، والكوميديا العائلية "قابل الآباء" من بطولة روبرت دي نيرو وبين ستيلر. في مقابلتها التي أجرتها معها قناة "فوكس" الإخبارية، لم تتجاوب "بالين" مع سؤال المذيع عن شعورها بتجسيد جوليان مور لها في أحداث الفيلم، وكعادتها لا تترك مقابلة من دون أن ترسم على وجوه المشاهدين الابتسامة بسبب استخدامها للألفاظ المثيرة للجدل والتي تجعل البعض يصفها بالسطحية وسوء التعبير عن أفكارها، ما يعيد للأذهان إخفاقاتها المتكررة في المقابلات التلفزيونية أثناء فترة الانتخابات الرئاسية عام 2008م، والتي جعلتها بحق "كابوس الحزب الجمهوري"، العبارة التي احتلت مكانها في غلاف العدد الشهير من مجلة نيوزويك الأسبوعية، التي قدمت جانباً آخر من السذاجة التي امتازت بها مرشحة نائب الرئيس الأمريكي عن الحزب الجمهوري. ربما يبدو هذا الفيلم بعيداً عن اهتمامات الجمهور العربي، مع قرب نهاية ولاية الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما الذي فاز في انتخابات 2008م عن الحزب الديمقراطي، إلا أن كثيرين منا تابعوا تلك الفترة وشاهدوا الكثير من الجدل الذي دار حول كل تلك الأحداث، وفي هذا الفيلم نظرة من الداخل للسطح الذي أوحى لنا أكثر من مرة بالكثير من الاضطرابات التي تزلزل أعماقه، لتتاح لنا الفرصة لرصدها بعين ناقدة رصينة أو عين المشاهد المتأملة التي يستهويها الجمال الذي تخلده الشاشة كبرت أو صغرت. جوليان مور في شخصية «سارة بالين» سارة بالين