إذا كان هناك من يدرك ويُلم بخطورة السلع ذات الأسعار الزهيدة، التي تعج بها "محلات أبو ريالين"، إلاّ أن هناك من يحتاج إلى التنوير والتثقيف، وخصوصاً فيما يتعلق بذات الجودة الضعيفة، والتي لا يستفيد منها المستهلك سوى لأيام، أو لأسابيع. وتُعد الأسعار المخفضة التي تعرضها المحلات سبباً رئيساً للذهاب إليها؛ لعدم قدرة البعض على شراء نفس الأغراض من المحلات التجارية الكبرى، ولم يعلم المرتادون أن هذه المقتنيات رغم خضوعها للتلف السريع، هي أيضاً سبب مباشر للكثير من المخاطر والمتاعب وكذلك الأمراض، وعلى سبيل المثال فقد تعرضت بعض المنازل لحرائق نجا أصحابها منها بصعوبة؛ بسبب التوصيلات الكهربائية الرديئة، والمعروضة في تلك المحلات، ناهيك عن أدوات التجميل، التي كثيراً ما تصيب صاحباتها بالكثير من الأمراض الجلدية والتشوهات، وهي في نفس الوقت جالبة لأمراض خطيرة. "الرياض" تجولت في بعض المواقع، والتقت مرتاديها، فكان هذا التحقيق. فؤاد مهدي في متناول اليد في البداية قال "خالد سعد" و"محمد الشهري": إنهما ارتادا هذه المحلات، لعرضها سلعاً أسعارها في متناول اليد، لاسيما وأن إمكاناتهما المادية لا تسمح باقتناء السلع نفسها من مواقع تجارية أخرى، خصوصاً الأواني المنزلية والورود الصناعية و"المزهريات". وأوضح "عادل شعبان" و"محمود فتحي" - مقيمان - أنهما يشتريان بعض الأغراض بأسعار زهيدة، رغم معرفتهما بمدى رداءتها؛ لأنهما لا يهتمان - حسب قولهما - ب"الجودة"، بقدر ما يهتمان بالأسعار المنخفضة. وتساءل "متعب المالكي" عن دور حماية المستهلك في هذا الصدد؟ وعدم تكثيف رقابتها لهذه المحلات، التي تنشر الكثير من السموم، من خلال عرضها ل"الكريمات الفاسدة"، والمواد المرتبطة بالتنظيف والمناشف، والتي ربما تضر بصحة المستهلكين، خصوصاً وأن الكثير لا يعرف مدى أضرارها، مطالباً وزارة التجارة باطلاق حملات مكثفة؛ للحيلولة دون انتشار البضائع الفاسدة. عبدالغني الزهراني غش وخداع وتحدث "عبدالغني الزهراني" قائلاً: هذه الظاهرة بدأت في الانتشار، حيث تجد في الشارع الواحد أكثر من ثلاثة محلات، مضيفاً أن الكثير يرتادها لأسعارها المنخفضة، ليرموا أنفسهم في فخ الغش، مطالباً الجهات الرسمية بتكثيف رقابتها حول هذه المحلات؛ لافتاً إلى أن نسبة الارتياد تزداد في مواسم الأعياد والمدارس. وأوضح "أحمد سعيد" أنه بحكم مكوثه في العديد من مناطق المملكة، كانت أسرته تستعين ببعض السلع المعروضة من محلات أبو ريالين؛ لأن الأسعار فيها زهيدة، بل ولايمكن مقارنتها بأسعار المجمعات الكبيرة، خصوصاً السلع المرتبطة بالاطفال. وأكد "إبراهيم السلمي" أن المدن تكتظ بمثل هذه المحلات، والتي انتزعت الزبائن من تحت أقدام المؤسسات الكبيرة، مضيفاً أن المعروض في هذه المحلات من بضائع مختلفة رديء للغاية، بل إن اكتشافها يتم بصورة سريعة، محذراً بعدم ارتيادها، حتى لا يقع المستهلكون في براثن الغش والخداع، لاسيما وأنها تجلب أضراراً كثيرة، مبيناً أن الأوضاع المالية الصعبة لبعض الفئات، تجبرهم على الاستعانة بها؛ تفاديا لتلك الأسعار الموجودة في الأسواق الكبيرة. مسعود الحربي إقبال كبير وأوضح عدد من المتسوقين في مدينة جدة، أنهم يدركون مدى رداءة هذه المقتنيات، وما تشكله من أضرار صحية، إلاّ أن الارتفاع الكبير في أسعار الأدوات الكهربائية الأصلية، يدفعهم إلى اقتناء البضائع التقليدية، مطالبين الجهات الرسمية بالتدخل في هذا الشأن، بغية إنقاذ المواطنين من هذه الأضرار. وأكد صاحب محل أن الأدوات الكهربائية تشهد إقبالاً كبيراً من مرتاديها، موضحاً أن هذه الأدوات رغم اتسامها بالتقليدية، إلاّ أن صناعتها لا غبار عليها، بل ولا تجلب أي نوع من أنواع الضرر، كما يعتقد البعض، مشيراً إلى أن الأدوات المرتبطة بالكهرباء وكذلك التحف هي الأكثر رواجاً. وأوضحت إحدى المتسوقات أن العناية الإلهية أنقذت أسرتها؛ حيث اشتعلت "التوصيلة الكهربائية" - اشترتها من أحد المحلات -، مضيفةً أنه نتج عنها حريق أتلف جزءا كبيرا من المنزل، وأيدتها متسوقة أخرى قائلةً: سبق لي أن اشتريت بعض الأدوات بمبلغ ألف ريال، إلاّ أنني فوجئت باحتراقها بمجرد التشغيل، متسائلةً عن دور الجهات المعنية في منع بيع الأشياء المقلدة والفاسدة، مضيفةً أن هناك تعليمات سبق وأن أصدرتها الجهات المعنية، تحظر فيها عدم بيع مواد التجميل التي تخص النساء؛ نظراً للأضرار التي تجلبها، مؤكدةً أن بعض استشاريي الأمراض الجلدية والطب التجميلي في بعض المستشفيات، حذروا كثيراً من مغبة هذه المواد التجميلية وخطورتها على البشرة. متعب المالكي سبب للحرائق وقال "فؤاد مهدي" - رجل أعمال -: إن هناك فئة تحتاج الى مزيد من التنوير والتثقيف، حتى يتسنى لها التعرف على خطورة البضائع الرخيصة، خصوصاً الروائح بأنواعها، وأدوات النظافة وغيرهما، مضيفاً أنه لابد أن يكون للأجهزة الإعلامية بشتى أنواعها، المرئية والمسموعة والمقروءة، سبق التعريف بهذه المخاطر، مشدداً على أهمية عقد الندوات والمحاضرات، من قبل المختصين وأصحاب الرأي السديد، لاسيما من النساء؛ لأنهن أكثر ركضاً للأسواق. وأوضح "مسعود الحربي" - رجل أعمال - أن الأسعار الزهيدة لمثل هذه الأشياء، هي من يدفع الناس إلى اقتناء الرخيص، ناصحاً بأهمية تعريفهم وتثقيفهم بأهمية الضرر المترتب على ذلك، مشدداً على أهمية إقناعهم بأنهم في حال اللهث وراء الأشياء الرخيصة، سيدفعون الثمن غالياً من الناحية المادية. وحذر المقدم "سعيد بن سرحان" - المتحدث الإعلامي في مديرية الدفاع المدني في منطقة مكةالمكرمة - من استخدام الأدوات الكهربائية المقلدة ورديئة الصنع، موضحاً أنها سبب مباشر في حرائق حدثت داخل المنازل، مطالباً المواطنين والمقيمين بتجنب شراء هذه الأدوات، والحرص على شراء الأدوات الكهربائية الأصلية، حمايةً لهم من حدوث ما لا تُحمد عقباه.