حفلت الصفحات الرياضية خلال الأيام الثلاثة الماضية بالإشادات والمديح لأجهزة المنتخب الفنية والمسؤولين عنه وحتى اللاعبين وهم بكل تأكيد يستحقون ذلك وأكثر بعد التأهل الرائع إلى نهائيات كأس العالم للمرة الرابعة على التوالي وهو إنجاز ونجاح يجير لكل من تربطه علاقة بالمجال الرياضي، فالمشجع شارك بتواجده ودعمه المتميز والصحفي شارك بطرحه ونقده والإداري بعمله وجهده ومتابعته والفني بخططه وفكره واللاعب بمستواه وروحه العالية. غير أن هناك أسماء لم تأخذ نصيبها من الإشادة مقارنة بالأعمال التي قامت بها ويأتي على رأسهم مدير المنتخب فهد المصيبيح أكثر الإداريين تعاملاً بالفكر الاحترافي في كرة القدم السعودية منذ بداية عمله في ناديه الهلال وهو يواصل أدائه بنفس الوتيرة وبمبدأ واحد ثابت لا يتغير ولعل جمهور الفريق الأزرق يتذكر السنتين الذهبيتين (2000 - 2001) والتي حقق فيهما الفريق قرابة ثمان بطولات محلية وعربية وآسيوية وهي الفترة الي كان فيها المصيبيح مديراً للكرة. كما أن هناك اسماً آخر عمل بصمت في داخل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم منذ سنوات وشكل مع عبدالله الدبل ثنائياً رائعاً كنماذج مضيئة في الإدارة الرياضية السعودية ألا وهو محمد النويصر عضو اللجنة الإعلامية في الاتحاد الآسيوي وعضو لجنة المسابقات (سابقاً) والذي شارك في وضع ترتيب وجدولة التصفيات النهائية المؤهلة للمونديال عن قارة آسيا والذي يعد أسهل الأنظمة التي وضعت منذ تأسيس الاتحاد الآسيوي فكونك تلعب في مجموعة مكونة من أربع منتخبات يصعد الأول والثاني مباشرة إلى النهائيات فيما يكون للثالث أيضاً آمال بالتأهل إلى المونديال حوّل الطريق الشائك والصعب إلى طريق أشبه مايكون مفروشاً بالورود، وقد يخفى على القارئ الكريم بأن النويصر قد كانت له جهود حثيثه في مشوار الأخضر وتحديداً بلعب مباراتين قبل مواجهة كوريا في مدينة الرياض على أرض المنتخب وبين جمهوره حتى يكون طريق التأهل أسهل وليكون لقاء كوريا في سيئول مجرد تحصيل حاصل أو لتحديد المركزين الأول والثاني وهو ماتحقق بالفعل. بكل أسف مثل هذه الجهود المبذولة والحثيثة لتسهيل طريق المنتخب إلى أكبر البطولات العالمية لم تلق أي ردة فعل داخل إعلامنا الرياضي الذي تخصص بعض أفراده - وأقصد المتعصبين منهم - إلى النيل من هذين الشخصين (الدبل والنويصر) إما لأنهما لم يناصرا فريقاً بحد ذاته بلقب لا يقدم أو يؤخر أو لأنهما لم يقفا - على حد قولهم - لمصلحة الكرة السعودية وهذا بلاشك أمرٌ غير صحيح. الجوهر والفتى الأسمر النحيل قبل قرابة أربع سنوات وتحديداً في عام 2001 وبعد أن تأهل المنتخب رسمياً إلى مونديال كوريا واليابان كان المدرب الوطني ناصر الجوهر يصر على ضم لاعب صغير في السن ربما لم يكن يتجاوز عامه الثامن عشر وكان يلعب مع فريقه في دوري الدرجة الأولى(في ذلك الوقت) ، جمعتني إحدى المناسبات وقتها بالجوهر فبادرته بالسؤال حول إصراره الغريب على ضم هذا اللاعب رغم أننا سنلعب في كأس العالم وبكل تأكيد بنية هذا اللاعب وصغر سنه لا تمكنه من اللعب للفرق الكبيرة فما بالك بمنتخب وبطولة بحجم كأس العالم، رد علي الجوهر بقوله (لو تركت هذا اللاعب في ناديه القادسية يلعب في دوري الدرجة الأولى أمام أندية ضعيفة المستوى وبغياب إعلامي وخطط فنية بسيطة فلن يستفيد إطلاقاً ولن يتقدم أو يكتسب مهارة جديدة، لكني أضمه للمعسكرات وأنا أعلم بأنه لن يشارك ولكن لكي يكون قريباً من الجابر والتمياط وخميس العويران ونور ويشاهد كيف يلعب الدوليون وكيف يتمرنون ويعيش مثلهم تماماً لأنه سيكون المحور القادم للمنتخب خلال السنوات القادمة وختم الجوهر حديثه بقوله : كم أتمنى أن لا يبقى في دوري الدرجة الأولى وأن ينتقل لأي فريق كبير لأنه مشروع موهبة لن تتكرر). بعد ثلاث سنوات من هذا الحديث الموجز انتقل اللاعب إلى صفوف نادي الاتحاد في صفقة تعد من أكبر الصفقات في تاريخ الكرة السعودية وفي ظرف ستة أشهر أصبح هذا الأسمر النحيل المحور الأساسي في صفوف المنتخب وأحد نجومه البارزين الذين يعتمد عليهم المدرب في كل مباراة، القارئ المتابع يعرف بالطبع بأني أتحدث عن «سعود كريري» صاحب المجهود الوافر في صفوف المنتخب، هذا هو الفارق بين المدرب الأجنبي الذي قد يأتي لحصد نجاحات مؤقتة وبين المدرب الوطني الذي ينظر إلى المستقبل البعيد.. شكراً ناصر الجوهر. [email protected]