هناك صعوبات حقيقية تواجه التعليم العالي الأهلي كما أن هنالك فرصاً جيدة للأكفاء منهم، فمن يتابع هذا القطاع الحيوي والهام سيجد نفسه أمام خيارين: إما أن ترفع القبعة احتراماً لبعض مؤسساته وإما أن تربط القبعة على رأسك خوفاً من سقوطها حتى لا تسقط الأقنعة المتمسكة بأطرافها... في الحقيقة أشعر بكثير من التفاؤل وأنا أتابع أداء بعض الجامعات الأهلية وأرى خريجيها ينافسون مبتعثي الخارج في الأداء والمستوى، من تعلموا في أكبر الدول المتقدمة علمياً وحصلوا على شهادات جامعاتها ونهلوا من معارفها، وهذه شهادة اعتراف بحسن المستوى وجودة المخرج، وأقصد البعض –طبعاً- وليس الكل... هذا النجاح لم يأتِ من فراغ بل من نواحٍ عدة فالطالب هو منتج نهائي إما أن يكون صالحاً للاستخدام أو غير صالح ولا يجد رواجاً عند المشترين (أرباب العمل) وهنا يأتي دور سمعة ومكانة المؤسسة التعليمية التي تخرّج منها... هذه السمعة والمكانة مرتبطة بعدة أمور، ولذا يجب على الطالب المقبل على اتخاذ قراره الاستراتيجي المهم والمؤثر في حياته أن يمعن النظر في الخيارات المتاحة أمامه، وأن يدع عنه التسرع في الاختيار لأن قرار اختيار الجامعة أهم قرار في حياة أي إنسان قبل مرحلة الزواج، أي هو قرار اختيار الشريك التعليمي كما هو الحال بشريك الحياة فيما بعد... هي مرحلة حساسة جداً وتحتاج إلى العديد من الاستشارات قبل اتخاذ القرار، لأن الفشل يعني النهاية! نعم هي أن تنهي حياتك مبكراً وفي سن مبكرة! وهذا ينعكس بطبيعة الحال على اختيار التخصص المناسب والملائم... بناء على تجربة سابقة حيث سبق وأن عملت مديراً في جامعة اليمامة وشاركت في تأسيسها، سأذكر بعض النصائح لمن يريد اتخاذ قرار تاريخي كهذا... ابحث عن الجامعة التي لديها مناهج تعليمية قوية وباللغة الإنجليزية لأنها لغة العصر وعالم المال والأعمال والطب والهندسة...الخ، وهذا ليس انتقاصاً من لغتنا العربية ولكن أغلب البحوث والمشاريع الأكاديمية الحديثة والقوية تكون باللغة الإنجليزية... ابحث عن أعضاء هيئة التدريس الأكفاء وتمحص في تاريخهم الأكاديمي-ولك الحق في أن تسأل قبل أن تسجل- لأن البعض من الجامعات الخاصة للأسف تبحث عن الربح المادي "فقط" وبالتالي تستقطب الأقل تكلفة حتى لو كان أقل كفاءة... ابحث عن الجامعة التي تستخدم أحدث وسائل التقنية في بيئتها التعليمية ولا ترضَ بأقل من ذلك حتى تتخرج منها وأنت على قدر كافٍ من الإلمام بأمور التقنية وهذا ما يبحث عنه أرباب العمل... ابحث عن الجامعة التي تعطيك شعوراً بالحياة عبر أنشطتها اللاصفية وأن لا يكون حضورك للجامعة لمجرد حضور المحاضرات لكي لا تشعر بالملل فالجامعة حياة وبيئة وليست معتقلاً دراسيا... ابحث عن الجامعة التي تتماشى مع المعايير الدولية في مناهجها ولها تعاون وارتباطات دولية مع جامعات مرموقة وهيئات تعنى بالجودة، لأن الفقير من يعزل نفسه عن الآخرين ويدعي العلم لوحده فقط... ابحث عن الجامعة المنضبطة وليست المتسيبة، فحتى لو كرهت الانضباط لأن ثقافتنا عودتنا على ذلك فلا تقبل به في الجامعة لأن حياة المدرسة كانت سجناً وستتفاجأ أن الجامعة حرية مطلقة وأنت سيد نفسك... اقبل الشدة ولا تقبل اللين في الجامعة واحرص على أن تتابع وتشارك لا أن تلقن وتحفظ، فأحد أبرز كوارث التعليم لدينا هو ان عقولنا كانت لا تعمل سوى قبل الاختبار وبعده ننسى كل ما حفظناه وتلقيناه...لأن الهدف هو الاختبار فقط! أخيراً، لا تتبع أصدقاءك عند اختيار التخصص بل اتبع ميولك، وعند اختيار التخصص يجب أن تراعي ثلاثاً: الرغبة والقدرة وحاجة سوق العمل...!