ما حذّرت منه صحيفة الرياض في افتتاحية عددها الصادر يوم الأربعاء الماضي والذي جاء تحت عنوان : (العرب على لائحة التقسيم) يستدعي أن يقرأ من كل العرب قراءة متأنية تقودهم إلى اكتشاف أنفسهم وفهم المخططات التى ترسم لبلدانهم والتحديات التي تنتظرهم في ظل التطورات التي تعتمل داخل منطقتهم وعلى حدود جغرافيتهم خاصة وان ما تناوله الأستاذ يوسف الكويليت في ذلك المقال قد جاء مشفوعاً بالعديد من الوقائع والحقائق الدالة على أن المنطقة العربية مازالت على خارطة ( الاستهداف) وان هناك قوى وضعت في أولوياتها مشروع ( سايكس بيكو) جديداً لتقسيم هذه المنطقة إلى دويلات ممزقة الأوصال يسهل التهامها وتحويلها إلى ساحات مستباحة تعبث بها أطماع الطامعين وأحقاد الحاقدين ومكر الماكرين .. الذين وإن اختلفت غاياتهم فإنهم يلتقون في أهدافهم التوسعية. وعند هذه النقطة يبلغ المرء جوهر السؤال القديم المتجدد أين العرب من كل هذا ؟؟ أو بصيغة أكثر اقتراباً من سؤال الأستاذ يوسف الكويليت : أين نحن من (سايكس بيكو) الجديد الذي برزت بداياته في فصل جنوب السودان عن شماله وقد يمتد إلى دارفور وأجزاء أخرى من هذا البلد؟ ويكتسب التساؤل نفسه أبعاداً أخرى إذا ما عدنا النظر (كرتين) إلى ماجرى ويجري في العراق الذي سلمته الولاياتالمتحدةالأمريكية لقمة سائغة للهيمنة الإيرانية التي سارعت بدورها إلى تعطيل فاعليته داخل رابطته العربية الجمعوية لتخسر الأمة رافداً من روافدها الأساسية والمهمة في لحظة هي أحوج ما يكون لكل ما يعزز من سيرها على طريق تشيد مقومات التوحد والتكامل بين شعوبها وأقطارها. وتتضاعف تعقيدات المشهد بالوقوف على التحديات التي تواجه اليمن وهو البلد الذي تسعى بعض القوى إلى اختطافة من خلال ( الحراك الانفصالي) والتحركات الحوثية وتنظيم القاعدة الإرهابي الذي يخطط لجعل الأراضي اليمنية جسراً لتصدير أنشطتة التخريبية إلى دول الجزيرة العربية والخليج وتطويقها بقوس يمتد من باب المندب إلى أبعد نقطة جغرافية على يابسة هذه المنطقة وبسبب الموقع الاستراتيجي الحساس لليمن فإنه إذا ماترك فريسة لذلك ( الثالوث) فقد نفاجأ ذات يوم وقد تحول هذا البلد إلى جزيئات متشظية غارقة في الصراعات القبلية والطائفية والجهوية والعنصرية والمذهبية. وليس اليمن وحده من يواجه تحديات جساماً بل إن سوريا ومصر وليبيا إلى جانب الصومال والعراق وبلدان عربية أخرى ليست بعيدة عن المخططات التمزيقية التي لم تعد تستثني أحداً من العرب. على العموم فان هذه النتيجة المريرة تقتضي الاعتراف من ان المنطقة العربية تمر بمنعطف خطير وان هناك حاجة ملحة لفتح النوافذ الفكرية أمام الرؤى العربية الناضجة لتتلاقى في بؤرة مركزية هي العمل العربي المشترك ولما من شأنه مواجهة (سايكس بيكو) الجديد وإسقاط مشاريع التفتيت والتجزئة والتقسيم التي تحوم حول أقطار الأمة من كل الجهات..