(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا). إن خير ما تقضى فيه الأعمار وتفنى فيه الأوقات هو الهدى والعمل الصالح، ومن خير الأعمال الاستباق في الخيرات والتنافس فيها، وليس خير من كتاب الله تعالى يُقرأ آناء الليل وأطراف النهار، ومن نعم الله على أبنائنا وبناتنا أن قيّض لهم من يعينهم على البر والتقوى فيحثهم على ذكر الله وعلى مدارسة كتابه وتلاوته والاجتماع على ذلك، لينشأ في ظل الرحمن جيل صالح يقضي وقته في طاعة الله ويستلهم طريقه من كتاب الله. وما تقدمه مسابقة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات في المملكة العربية السعودية من خير ما يقدمه ولاة أمر هذا البلد لأبنائهم وبناتهم ليكونوا على صلة بتراثهم الذي يستمدون العزة منه وينافسون به الأمم خصوصاً إذا اجتمع مع حفظ كتاب الله الفهم والتدبر والتمثل في أمور الحياة وواقع الإنسانية وحاجتها لمنهج يقوم على الاعتدال والوسطية والحق والخير. وكما اعتدنا في هذا البلد الممهور بشرف وقداسة البيتين الطاهرين مكة والمدينة ، تحتضن هذه الأرض المباركة برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز مسابقة الأمير سلمان لحفظ القرآن الكريم في دورتها الرابعة عشرة، وهو شرف عظيم تنتظم فيه شبيبة وناشئة الأمة في عقد من التنافس الفريد الشريف في أقدس مجال وأرحب بيان، كتاب الله العزيز، وحق لهذا البلد أن يزدهي ويفخر بمحفل كهذا تحفه ملائكة الرحمن وترعاه أياد بيضاء بالعطاء والطهر ونبل الأهداف والمقاصد. ولعل المتتبع لمسيرة هذا الوطن المبارك ليدرك ما تعنيه شريحة الشباب والناشئة لقادة هذه البلاد، وما زخرت به خطط التنمية في هذا العهد الزاهر على وجه الخصوص عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز من مشاهد ومنجزات علمية وحضارية تنافس مثيلاتها في كبريات دول العالم، مع ما تتمتع به من مرجعية دينية تقوم على أساس متين قوامه كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام. وما احتضان هذه المسابقة إلا امتداد لتوجه سياسي ثابت وواضح وأصيل تجاه الإسلام والأمة وقضايا شبابها على وجه الخصوص. وفق الله هذا البلد لكل ما فيه خير وصلاح الوطن والمواطن، وجعله إماما وقائدا لبلاد المسلمين في المسابقة لكل ما يخدم الأمة الإسلامية ويرقى بها في سلم الحضارات. *مدير جامعة جازان