يا فارسنا "الأخضر" وأنت تقف على بعد خطوة واحدة من الدخول في معترك مواجهة استراليا الحاسمة التي تترقبها القارة الصفراء من أقصاها إلى أقصاها، لتثق تماماً أن ملايين من القلوب تخفق خوفاً عليك، وأن ملايين من الألسن تلهج بالدعاء لك؛ لكي تعود لنا سالماً غانماً من مدينة ملبورن الأسترالية. لا عليك يا فارسنا "الأخضر" ممن يقول بأننا لم نعد نثق بك، ولا نرهن خياراتنا لك، بل لتعلم أننا مازلنا لا نرى عنك بديلا، فأنت وإن سقطت عن صهوة جوادك مرة أو أكثر، فستبقى فارسنا المغوار، ومحاربنا الشجاع، الذي نتحين حضوره في كل مرة نجد أنفسنا فيها بحاجة إلى نصر جديد نجدد معه البيعة، ونوقع على إثره عهد الثقة، وها هي الفرصة الكبرى قد لاحت في موقعة ملبورن. صحيح يا فارسنا "الأخضر" أنك خلّفت في الحلق غصة، وأبقيت في القلب حسرة؛ جراء ما حاق بك من سقوط متتالٍ؛ وعثرات متكررة، وخيبات أمل متلاحقة؛ لكن ذلك لم يمنعنا يوماً من أن نهتف باسمك، ونتغنى بأمجادك؛ خصوصاً ونحن ندرك جيداً أنك في كل تلك المحطات القاتمة السواد كنت "مسيراً" لا "مخيراً"، وإلا فلست أنت من يثخن بالجراح، بل ويصبح ساحة للرقص على جراحه، ممن كنت تتفنن في إسقاطهم، وتبدع في النيل منهم. إننا يا فارسنا "الأخضر" إنما نراهن عليك اليوم رغم واقعك الصعب، وموقفك السيء، وأنت تواجه "الكانغارو" الأصفر الذي يقف أمامك كأسد هزبر في عرينه، إنما ليقيننا بأنّ لا خيار لنا غيرك، ولعلمنا الذي لا يدانيه شك بأنك قادر على أن تنتفض لتخرج من متوالية الهزائم، وركام الإحباط، لتنطلق لساحة التألق، ولتتجلى في سماء الإبداع. ليس بعيداً عنك ذلك يا فارسنا "الأخضر" إن أردت ذلك، أولست أنت من تسيدت القارة الآسيوية سنوات، وتربعت على عرشها ردحاً، حتى دان لك الخصوم، واعترف بقيمتك المنافسون، وعجز عن مداناة قامتك الأنداد، قبل أن تتخلى عن كل تلك الاستحقاقات بين عشية وضحاها؛ لكن وإن حدث ذلك فأنت أهل للعودة، وفي مستوى التحدي، فافعلها اليوم لتعلن قدومك المظفر لاستعادة عرشك المسلوب. نعم.. يا فارسنا "الأخضر" لتفعلها ولتطح بالعملاق الأسترالي لتعبر للضفة الأخرى، ضفة الكبار التي لا تليق إلا بأمثالك، ولكن هيهات أن يكون ذلك بالأماني، إنما يؤخذ غلاباً، فما أخذ بالقوة، لا ينتزع إلا بالقوة، تلك هي معادلة الأقوياء، وأنت كذلك إذا ما ابتغيت لنفسك المهابة، ولتاريخك الحفظ، ولحاضر الأمان، ولمستقبلك الطمأنينة. لتنطلق يا فارسنا "الأخضر" لاستعادة مجدك الضائع، وتاريخك المبعثر، ونحن خلفك نعزز رغباتك، ونبارك خطواتك، وأنت جدير بتحقيق ذلك وأكثر، ولعلك تفعل ذلك من البوابة الأسترالية الكبرى، التي يظن البعض أنها عصية على الفتح، وصعبة على العبور، وما علموا أنك خير من خبر العبور من البوابات الضيقة؛ وأفضل من عرف كيف يتجاوز المحكات الصعبة، فافعلها هذه المرة أيضاً، وإنّا لمنتظرون.