تقودني مناسبات أحزان الوطن العربي لأنْ أتذكر كل بيت شعر وكل نبرة وكل فاصلة مرّت عليّ ، لكوني أجد ملاذا ولو في " ترديد " ما كتبه الشعراء. ومن بين ما أحفظ قصيدة للشاعر الكبير الراحل نزار قباني رحمه الله عنوانها " مذكرات عاشق دمشقيّ " منها هذه الأبيات يا شامُ، أينَ هما عينا معاوية وأينَ من زحموا بالمنكبِ الشُّهبا فلا خيولُ بني حمدانَ راقصةٌ زهواً... ولا المتنبّي مالئٌ حَلبا وقبرُ خالدَ في حمصٍ نلامسهُ فيرجفُ القبرُ من زوّارهِ غضبا يا رُبَّ حيٍّ.. رخامُ القبرِ مسكنهُ ورُبَّ ميْتٍ.. على أقدامهِ انتصبا يا ابنَ الوليدِ.. ألا سيفٌ تؤجّرهُ؟ فكلُّ أسيافنا قد أصبحت خشبا دمشقُ، يا كنزَ أحلامي ومروحتي أشكو العروبةَ أم أشكو لكِ العربا؟ أجد كل الوطن العربي ومن فيه قد عشق الشام شعرا ونثرا وليمونا ، ثم ثكالى ومتألمين وجرحى ، أكل هذا بسبب هوس الحكم؟! وسؤالي : هل يجوز أن نصف أنفسنا بالشعراء؟ ضمت الشام شعراء : نزار ، سليمان ، أبو ريشة ،محمد الماغوط ، بدوي الجبل .قصائد تدور بها الأحداث سريعا سرعة الخواطر، ولكنها حين تصل إلى الإشارات الحرجة تبدو كأنها تتوقف قليلا، لكي تترك لعروبة الأرض واللسان والتاريخ أوسع المجالات حيث يندمج الفن بالنبرة . لم يعد للشعر والكلمة الآن القول الفصل فقد ازدحمت حياتنا ، والشام أحدنا ،بالواقفين في طابور السياسة والحكم ، حتى لو ذهبت الرقاب كقرابين . لا أملك - لعاشق شعر وقارئ - إلا أمانيّ بأن يدحر الله من أراد أخذ سورية من موقعها العروبي بأي اسم كان.