الحوار بين قيادتين متباعدتي المسافة لكن متعددتي المصالح وقدرات التأثير هو حالات من الجذب لمزيد من المصالح أو لتقارب رؤى وجهات نظر.. ذلك لم يحدث بين قائدنا التاريخي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وبين الرئيس الروسي، حيث يبدو أن الرئيس ديمتري ميدفيديف حاول أن يتناول طبيعة أوضاع سوريا الدموية عبر وجهات نظر لم يرها الملك عبدالله صائبة، وكان من الممكن أن يتم تبادل وجهات نظر ليس لتحديد المواقف وإنما لردع الظلم الجائر لو كانت هناك إمكانية طرح وجهات نظر قبل أن يحدث ما هو غير صائب إطلاقاً في مجلس الأمن، مع أن خروج الصين وروسيا من أكثرية الإدانة الدولية لدموية أوضاع سوريا لن يمثل في كل الظروف أي خصائص إقناع بتلك الدموية أو توفير حماية لما تتوغلها من أنواع البطش.. الملك عبدالله.. كما هي عادته دائماً.. التزم الجانب الأخلاقي الإنساني في الرؤية لطبيعة ما يحدث داخل الأرض السورية.. وبداهة فإن الصراعات - التي تحدث دائماً بين قوة عسكرية باطشة القدرات وبين اعتراضات محتجين ليس بيدهم سلاح - غالباً ما يوقف هذا التناقض الجائر بمواقف دولية جماعية تشعر سوريا بالعزلة التامة، ولن تجد أمامها إلا إيران، وليس في أهداف المصالح السورية ولكن عبر الأهداف الإيرانية التي مهدت لها سوريا من قبل.. موقف الملك عبدالله لم يكن وليد خلاف وجهات نظر وليس هو صراع مصالح أو قدرات أو نفوذ، وهو ما لم يحدث للمملكة مع أي دولة عربية، وإنما هو وليد اعتراض حاسم وقوي بدوافع دينية وإنسانية ترفض ما يحدث يومياً من ممارسات قتل، وكأن الرئاسة في هذه الدول المعزولة عن مصالحها عربياً وعن حقوق شعبها محلياً ديمومة أزلية لا يجوز أن تناقش.. بالعكس كان يفترض أن يكون لروسيا تدخل يفرض على سوريا استبدال الرئاسة والوصول إلى تشكيل حكم مقنع، وسوف يحمي ذلك دماء المواطنين وما تتجه إليه سوريا من عزلة قاسية لن تقلل من شأنها أقلية دولية.. الملك عبدالله رجل لا يتعامل مع أنصاف الحلول.. لكنه يتجه وبحزم كفاءته التاريخية نحو ما هو إنساني ومنطقي في كل الأوضاع التي تمر به..