يعد شعر الأطفال من الشعر الذي يستعصي على كثير من الشعراء , فشعر الأطفال فيه حكمة , وفيه أدب , وفيه تسخير للشعر من أجل توعية الطفل وتثقيفه. ويقول الدكتور طه حسين إن أحمد شوقي عرف كيف يقيم عمود الشعر لدى الأطفال , وكيف ييسر الحكمة ويجعل الأطفال يتذوقون حلاوة الشعر وطعم الكلمات المؤثرة . وقد نجح أحمد شوقي في ديوان شعره من إبراز الشعر القصصي للأطفال , وعرف كيف يجاري الأديب الفرنسي لافونتين , فعرض بعض الصور القصصية عرضاً جيداً , والتزم في تصويره الحيوان رمزاً ومقابلته مع الناس . وقد قصد من وراء ذلك الوصول إلى معان خلقية ووطنية تتصل بأحداث عصره . وفي قصيدته " القبرة وابنها " أجرى شوقي الموعظة الرائعة على لسان القبرة , كما صور فيها قلب الأم الرؤوم , سواء أكان ذلك في عالم الطير أم الإنسان . يقول شوقي : رأيت في بعض الرياض قبّرة تطيّر ابنها بأعلى الشجرة وهي تقول ياجمال العش لاتعتمدْ على الجناح الهش وقفْ على عود بجنب عودي وافعل كما أفعلُ في الصعود فانتقلت من فنن إلى فنن وجعلت لكل نقلة زمن كي يستريح الفرخ في الأثناء فلا يمل ثقلا من الهواء لكنه قد خالف الإشارة لما أراد يُظهر الشطارة وطار في الفضاء حتى ارتفعا فخانه جناحه فوقعا فانكسرت في الحال ركبتاه ولم ينل من العلا مُناه ولو تأنى نال ماتمنى وعاش طول عمره مهنا لكل شيء في الحياة وقته وغاية المستعجلين فوته إن المغزى الخلقي لحكاية القبرة وابنها واضح , وهو أن يتعود الطفل على أن يستمع إلى النصيحة , وأن يحذر من الخطأ , وألا يكابر أو يغتر بنفسه , ولا سيما إذا كانت أمه أو والده قد حذره من الوقوع في فخ المكابرة والغرور . وهكذا رأينا ابن القبرة وهو يهوي إلى القاع مكسوراً جناحه , لأنه لم يحذر، ولم يحترس من خطر الوقوع على الأرض . وهناك عدد من هذه الحكايات والقصص التي أوردها شوقي في بعض قصائده. لقد كان أحمد شوقي أميراً للشعراء في شعر المثقفين والأدباء , ولكنه أيضاً أحد أبرز الشعراء العرب الذين تعاطفوا مع الاطفال , يرددون لهم النشيد العذب , ويحكون لهم القصص ذات المغزى من أجل أن يتعلم الأطفال حكمة الحياة وفلسفة الوجود منذ نعومة أظفارهم..