عندما أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله- أمره الكريم بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء باعتبارها المرجعية الوحيدة للفتوى، وأن من مسؤوليتهم الرفع للملك عمن يرون فيه الكفاية والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى حتى يؤذن لهم بذلك؛ كان يرمي– حفظه الله وسدده- إلى صيانة الدين وحمايته عن أولئك المتسلقين ابتغاء الشهرة، ولئلا يكون شرع الله مرتعاً لأصحاب الآراء الشاذة والمعلولة والمرجوحة، سواء منهم من كان متشدداً أو متساهلاً من غير حجة أو دليل صحيح. وقد استبشر الناس حينها بهذا التوجيه الكريم، وبلغت أصداؤه مشارق الأرض ومغاربها؛ عرفاناً ببعد نظره – يحفظه الله-، وتقديراً لغيرته على دين الله، ولا شك أن هذا التوجيه يؤكد حرص خادم الحرمين الشريفين على حفظ المكانة السامقة للعلماء الراسخين، وإثبات حقهم في مرجعية الفتوى، ويقطع الطريق على من يتتبعون الأقوال الشاذة والمرجوحة؛ ليزعزعوا بذلك الصف، ويُفرقون الكلمة، ويُلبسون على الناس دينهم، ولكن ما نراه بين الفينة والأخرى من خروج بعض (المفتين) في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، وهم يتعمدون المخالفة الصريحة للمنهج الرشيد الذي سارت عليه المملكة العربية السعودية ولا زالت متمسكة به؛ اقتداءً بهدي سلف الأمة وأئمتها وعلمائها الربانيين.. يدعو إلى متابعة المسؤولين لتنفيذ ما قضى به توجيه خادم الحرمين الشريفين، سواء من قبل هيئة كبار العلماء كجهة اختصاص، أو من قبل وسائل الإعلام التي ينبغي لها أن تُكافح هوس الفتيا عند هؤلاء المخالفين. قد يُقال إن الدين يدعو إلى الاجتهاد، فنقول هذا صحيح، ولكن الاجتهاد له شروط وضوابط لا بد أن يستوفيها الباحث حتى يُقبل اجتهاده، وإلا اعتبر كل مستحل لمحرم مجتهد..!