المنشآت المتوسطة والصغيرة تمثل النسبة الأعلى من مجموع المؤسسات العاملة المنتجة في معظم دول العالم، حيث تتراوح ما بين 70 – 90 % وفقاً لقدرة اقتصاد تلك الدول، كما أن مساهمتها في الناتج الإجمالي المحلي تصل إلى 50 %، إضافة إلى ما توفره من وظائف قد تصل إلى نسبة 60 % من فرص العمل المتاحة، في ذات الوقت المنشآت المتوسطة والصغيرة هي الأداة الأكثر فعالية في نشر التنمية على نحو أكثر عدالة، وتعد وسيلة من وسائل مكافحة الفقر، وتوزيع عوائد التنمية بين المواطنين بكفاءة عالية واستدامة متصلة، والمملكة ليست استثناء من ذلك، إلا أن دور تلك المنشآت لم يصل بعد للمعدلات التي بلغها هذا القطاع في الدول المتقدمة اقتصادياً. إن الأهمية لهذه المنشآت قادتها لأن تكون من ضمن الأهداف العامة لخطة التنمية التاسعة للمملكة الجاري العمل بها حالياً، حيث نصت تلك الأهداف على تطوير قطاع المنشآت المتوسطة والصغيرة لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، واستحداث الأطر لرعايته وتنظيمه، كما تضمنت الخطة كذلك ضمن آليات تنفيذ تلك الأهداف العامة تقديم الدعم والمساندة لتلك المنشآت وتذليل المعوقات التي تعترض تنميتها من خلال إنشاء كيان مؤسسي متخصص يتولى رعاية هذه المنشآت ومعالجة التحديات التي تواجهها من معوقات إدارية وتنظيمية وفنية ومالية وتسويقية وتسريع إنشاء حاضنات الأعمال والحاضنات التقنية والتجهيزات الأساسية الأخرى لهذه المنشآت، وقد رأينا تلك الأهداف وقد تم الشروع في أولى خطوات تنفيذها من خلال الملتقى السعودي للمنشات المتوسطة والصغيرة الأسبوع الماضي ، الذي كشف أثناء مناسبة انعقاده عن متابعة اللجنة العليا للتنظيم الإداري لدراسة إنشاء هيئة للمنشآت المتوسطة والصغيرة. إن من بين المبادرات التي تم تبنيها لتذليل معوقات التمويل للمنشآت المتوسطة والصغيرة في المملكة هو تأسيس برنامج " كفالة" عام 1425ه لتمويل تلك المنشآت الذي أسندت إدارته لصندوق التنمية الصناعية، من أجل تنمية وتطوير هذا القطاع وتفعيل حضوره في مكونات الاقتصاد الوطني والعمل على تحقيق ذلك من خلال شراكة أساسية مع البنوك التي توفر التمويل اللازم ليؤدي هذا البرنامج وظيفته ، استهدافاً لإنشاء وتطوير وتوسعة نطاق أنشطة المنشآت المتوسطة والصغيرة التي تعاني بالدرجة الأولى من مشاكل التمويل العامل الأساسي أمام تطورها وتوسع أنشطتها. لقد امتدت خدمات برنامج " كفالة " لتشمل مختلف الأنشطة الإنتاجية والخدمية والتجارية إلا أن مما يلاحظ من قطاعات التمويل التي يرعاها هذا البرنامج هو عدم الإشارة إلى أنشطة الخدمات الهندسية التي تعد من الخدمات الأساسية التي تحتاجها معظم إن لم تكن كافة قطاعات التنمية فالمنشآت المتوسطة والصغيرة تمثل في الواقع الغالبية بين منشآت قطاع الخدمات الهندسية بوجه عام في المملكة، كما أنها لا تحصل على حصتها العادلة من العائد الربحي في سوق الخدمات الهندسية المحلي، وبلا شك أن هناك معوقات مختلفة تقف أمام منشآت هذا القطاع الخدمي سواء كانت إدارية أوفنية، إلا أن الجانب المالي في تمويل أنشطتها يمثل قدراً لا يستهان به وبالذات في منشآت الخدمات الهندسية المساندة وما تتطلبه خدماتها من توفير أجهزة ومعدات تمثل قيمتها عائقاً أمام قدرتها على ممارسة تلك الأنشطة مثل تنفيذ الأعمال المساحية وفحص التربة وإنجاز الرسومات الهندسية وطباعة الخرائط والمخططات ، ونحوها من الخدمات التي تحتاجها دور الاستشارات الهندسية في أعمالها المهنية دون الحاجة لأن تقوم بها ذاتياً ، لذا من المهم في تنمية وتطوير قطاع الخدمات الهندسية والخدمات الهندسية المساندة دعم المنشآت المتوسطة والصغيرة في هذا المجال، وأهمية حرص الهيئة السعودية للمهندسين الجهة المعنية بتنمية وتطوير هذا القطاع على جعل تلك المنشآت أحد القطاعات التي تستهدفها البرامج الحكومية الداعمة لهذا النوع من المنشآت الاقتصادية وكذلك إدخالها ضمن اهتمامات هيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة حين قيامها وتولي مهامها في هذا المجال.