حذرت دراسة حديثة قامت بها هيئة المواصفات والمقاييس والجودة السعودية من أن الأسواق المحلية تحتوي على ملابس أطفال بها نسبة عالية من المواد الضارة المستخدمة في المنسوجات والتي قد تتسبب في مرض السرطان وأمراض جلدية أخرى. جاء ذلك بعد مسح ميداني قام به فريق عمل برئاسة الباحث محمد موسى الصفيان والذي خلص من خلاله إلى أن بعضا من ملابس الأطفال التي تباع في المحلات بالأسواق السعودية، احتوت على مواد كيميائية أعلى من الحد المسموح به دولياً. وأكد الباحث انه تم إجراء البحث بمختبر النسيج التابع للهيئة على 100 عينة من ملابس الأطفال سحبت بشكل عشوائي من أسواق الرياض على اختلاف أنواعها وأشكالها وذلك لغرض تقدير بعض العناصر الثقيلة الداخلة في المنسوجات ( الزرنيخ ، الرصاص ، الكادميوم ، الكروم ، الكوبالت ، النحاس ، النيكل) وتوصلت الدراسة إلى أن 8% من النتائج المتحصل عليها من العينات المسحوبة قد تعدت القيم المسموح بها دوليا وكانت النسبة موزعة على عناصر ( الزرنيخ ، النحاس ، النيكل ). محمد الصفيان وحول الأبعاد الصحية الخطيرة لوجود هذه المواد في منتجات النسيج وخصوصا في ملابس الأطفال ، أوضح الصفيان بأن العناصر الثقيلة في منتجات النسيج ، تعتبر ضارة بالصحة إذا ما احتوت على تراكيز كبيرة تتعدى الحدود المسموح بها دوليا. و يذكر بأن العناصر الثقيلة تستخدم بشكل أساسي في معقدات ألوان صباغة المنسوجات والتي لها أهمية في إضفاء خاصية ثبات اللون للضوء على المنسوجات عموما بالإضافة إلى استخدامها في عمليات إزالة الصباغة من على المنسوجات لغرض إعادة صباغتها ، وفي عمليات الأكسدة ، وعمليات التجهيز ( Finishing ) للأقمشة : مثل الأقمشة المضادة للماء ، والمضادة للحريق ، والمضادة للفطريات والميكروبات بالإضافة إلى تواجد العناصر الثقيلة في المواد الأولية ( Raw Materials ) للألياف الطبيعية مثل القطن ، الكتان ، القنب والتي تنتقل إليها عن طريق الامتصاص سواء من التربة أو من خلال تعرضها للمبيدات أثناء زراعتها حيث تتميز هذه الألياف أنها ثنائية الامتصاص. ولا يقتصر تأثير العناصر الثقيلة على صحة الإنسان فقط بل يتعدى ذلك إلى البيئة المحيطة وبالتالي على الكائنات الحية الأخرى. حيث يؤدي تصريف مخلفات عملية الصباغة مثلا إلى تواجد تلك العناصر في مياه صرف عمليات الصباغة بتراكيز عالية مما يؤدي إلى مشاكل بيئية وصحية للنبات والحيوان على حد سواء. وحول آلية انتقال المعادن الثقيلة إلى الإنسان، يوضح الباحث ان ذلك يتم عن طريق انتقالها من ألياف النسيج عند درجة حرارة وظروف مناخية معينة إلى العرق الذي يفرزه الجسم ، وبالتالي إلى جسم الإنسان عبر مسامات البشرة أثناء ارتداء الملابس وخاصة الملابس الداخلية والتي تلامس البشرة بشكل مباشر ، مما يعرض سلامته للأمراض الخطيرة مثل السرطان بالإضافة إلى الأمراض الجلدية وغيرها. وأشار محمد الصفيان الى أن الهيئة تولي اهتماما خاصا بالبعد البيئي حيث أصدرت مواصفات قياسية سعودية تحت مسمى " المواد الضارة المستخدمة في المنسوجات" وقد تضمنت اشتراطات وحدودا صحية وبيئية للمنتجات النسيجية بأشكالها وأنواعها وملحقاتها والتي تراعي المواصفات الدولية من المواد المضافة من مواد التصنيع ( أصباغ ، مواد كيماوية ، مواد وسيطة ، وغيرها..) وفق علامة الجودة والصحة والسلامة البيئية الأوروبية والتي تسمى (الايكوتكست100) OEKO-TEX STANDARD 100. الجدير بالذكر ان الهيئة تقوم بعمل الاختبارات اللازمة لتحقق من المواد الضارة على المنسوجات عموما بالإضافة إلى تقدير العناصر الثقيلة مثل تقدير محتوى الفورمالدهايد ومحتوى الأس الهيدروجيني .. وغيرها.