مازالت ذاكرتنا تستحضر جملة من الأساطير التي كان الآباء والأمهات يخيفون بها أبناءهم ك "السعلو" و"حمار القايلة" و"العبد المدهون".. ولأن لكل هذه الأسماء قصة وتأصيل تاريخي لعلنا نتناولها في مقالات وتقارير قادمة - بإذن الله - بعد الحديث عن السعلو الذي تسميه العرب "السعلاة"، وهو ضرب من ضروب الجن التي تجوب القفار والخلوات، كما أن الغول الذي يسميه أشقاؤنا في مصر "الجني الأزرق" يختلف عن "العفريت" و"الشق" و"النسناس"، وكلها من أجناس الجن والمردة. وقد روي أن الغول إنما سميت غولاً؛ لأنها تغتال الناس أي تهلكهم، ولذا كانت العرب تقول للمسافر "هون الله عليك غول هذا الطريق"، ومنها اشتق الكيمائيون العرب أبان تحضرهم اسم "الغول الإيثيلي" أو "الإيثانول" على مادة الخمر، حيث إن كلمة "الكحول" بالإنجليزية عائدة إلى أصلها "الغول" في العربية، بل قد سبق هذا كله كتاب الله عز وجل في قوله تعالى في وصف خمر الجنة: (لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ)، كما قال راوية العرب أبو عبيدة: الغول أن يغتال عقولهم. وتذكر الروايات العلمية أن إشاعة انتشرت بمدينة البصرة قبل أكثر من ألف عام، مفادها أن الأشباح والعفاريت كانت تسكن بيتاً مهجوراً في أطراف المدينة، وحين سمع العالم الفيزيائي الحسن بن الهيثم بالقصة عزم على الذهاب لهذا البيت بعقلية العالم وهناك اكتشف نظرية الانكسار الضوئي وابتكر السينما، وبدأ دراساته عن القمرة التي سميت فيما بعد "كاميرا الغرفة المظلمة"؛ لأنه اكتشف أن هذه الأشباح والعفاريت المزعومة ما هي إلاّ انعكاس لظلال أجسام المارين بالطريق على جدران المنزل الذي دخلت عليه أشعة الشمس، من خلال ثقوب وفجوات تباينت في سطوعها وخفوتها حسب سطوع ضوء الشمس، وبهذا مهدت نظرية الأشباح إلى اكتشافات ظلت حبيسة الكتب أكثر من تسعمائة عام استفاد منها العالمان الفرنسيان "لوي دايجر" في التصوير الشمسي، و"جبريل ليمان" في التصوير الملون، وكذلك الأمريكي "إيستمان جورج" مؤسس شركة كوداك في القرن التاسع عشر، والغريب أن نظرية الأشباح - وما تلاها من اكتشاف الكاميرات - وقفت عاجزة عن تصوير الجن التي وصفها العرب قديماً بأنها أجسام مخفية نسمعها ولا نراها.