رئيس بلدية الدرب يقف ميدانيًا على عدد من المشاريع التنموية ويتابع نسب الإنجاز    الداخلية تحتفي بيوم الشرطة العربي في الصياهد    هيرنانديز: مشروع الهلال أقنعني والبطولات هدفي    سحب سيارة فيها طفلة واعتقال سائق الشاحنة    جمعية التوعية بأضرار المخدرات بجازان تنفذ برنامجًا توعويًا بمنتزه الزاوية الخضراء في بيش    ضبط 1417 مخالفًا لممارستهم نشاط نقل الركاب دون ترخيص    هيئة الأدب والنشر والترجمة تكرم المشاركين في النشر الرقمي    مطار الملك خالد الدولي يعلن عودة العمليات التشغيلية بالكامل    إنطلاق المرحلة الثالثة من فعاليات مبادرة «خُطى مستدامة – نحو سياحة بيئية مسؤولة» في حائل    صور تاريخية للملك عبدالعزيز خلال زيارته البصرة عام 1916    التعليم السعودي قصة فخر الوطن الدؤوب    ⁨ العربية بعد روحي أكثر من أداة تواصل    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تحتفي باللغة العربية    المطيري تستعرض حضور المرأة في الشعر العرب    مجلس التعاون الخليجي يرحّب برفع العقوبات عن سوريا    نباتات حائل المحلية تدعم جهود التشجير الوطني    الداخلية تضبط 17,880 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    بيوت الشعر .. رونق الشتاء    عمداء شؤون الطلاب يناقشون تنمية مهارات الطلبة بجامعة القصيم    الدحة.. هوية الشمال تتجلى في واحة الأمن    «المقشوش».. دفء الشتاء بنكهة التراث    نيشيش: معاملة السعوديين مختلفة.. وجودار: الخروج لا يعد نهاية المشوار    بولونيا يعبر إلى نهائي السوبر الإيطالي ويضرب موعداً مع نابولي    ثيو هيرنانديز: الهلال الأفضل لي بعد كذب ميلان    الداخلية تسجّل 3 أرقام قياسية عالمية في «غينيس»    طقس بارد إلى شديد البرودة على شمال ووسط المملكة    مطار أبها الدولي يستقبل أولى الرحلات القادمة من عُمان    ترامب: "داعش" في سوريا يواجه ردا انتقاميا قاسياً جداً    قفز السعودية .. جان فير ميرين بطلاً للشوط المؤهل لكأس العالم 2026    جمعية الإعاقة السمعية في جازان تشارك في مبادرة «في الإعاقة طاقة وتميز» بمحافظة بيش    الهلال يعلن غياب مالكوم عن التدريبات قبل مواجهة الشارقة    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان ملك المغرب بمناسبة فوز منتخب بلاده بكأس العرب 2025    جوارديولا يرفض التكهنات حول مستقبله    مُحافظ الطائف يستقبل وفدًا من أعضاء مجلس الشورى    المعيقلي: ولاية الله أساس الطمأنينة والإيمان    الحذيفي: التقوى وحسن الخلق ميزان الكرامة عند الله    السعودية ترحب بقرار أمريكا بإلغاء العقوبات عن سوريا بموجب قانون قيصر    قطرات للأنف لعلاج سرطان المخ    انتشار فيروس جدري القرود عالميًا    إستراتيجية واشنطن في لبنان وسوريا بين الضغط على إسرائيل وسلاح حزب الله    تخريج 335 كفاءة وطنية ضمن برامج التدريب بمدينة الملك سعود الطبية    "القوات الخاصة للأمن والحماية" نموذجٌ متكامل لحفظ الأمن وحماية مكتسبات التنمية    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل الهندي    جمعية أرفى تحصد فضية جائزة "نواة 2025" للتميز الصحي بالمنطقة الشرقية    أمير تبوك يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    أمير القصيم يواسي خالد بن صالح الدباسي في وفاة زوجته وابنتيه    نعمة الذرية    في ذمة الله    تصعيد عسكري في كردفان.. الجيش السوداني يستهدف مواقع ل«الدعم السريع»    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    تصاعد الاستيطان الإسرائيلي يثير إدانات دولية.. واشنطن تؤكد رفض ضم الضفة الغربية    ضبط أحزمة ناسفة وصواريخ.. تفكيك خلية تابعة ل«داعش» في إدلب    حرقة القدم مؤشر على التهاب الأعصاب    علماء روس يطورون طريقة جديدة لتنقية المياه    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البركة
ايقاع الحرف
نشر في الرياض يوم 09 - 02 - 2012

تجري على ألسنتنا كلمة "البركة" بكثرة، ونستخدمها في عدد من المعاني، منها المعنى اللغوي الحرفي الذي يعني النماء والزيادة، أو يعني الاكتفاء بماهو حاصل لأنه يفي بالمطلوب. وهناك معان مجازية تظهر في استخدام الكلمة للإشارة إلى العمل الذي يسير دون خطة، فيقال بأن الأمور ماشية بالبركة، وتقال في الثناء على الشخص حينما يقدّم عملًا يستحق الشكر عليه، فيقال له: "كلك بركة".
على أن عبارة الثناء السابقة تكشف عن القيمة الجوهرية لمعنى "البركة" التي تستخدم بكثرة في المجتمعات الإسلامية وهي التي يقصد بها معنى البركة. وتدخل هذه الكلمة ضمن المفاهيم والقوى المعنوية المؤثرة في الأنشطة اليومية للفرد والتي تدخل ضمن التصورات الفعلية لقوة معنوية مجردة يختلف الناس في فهمها والتعامل معها.
وقد عني بعض الباحثين في مجال الأنثروبولوجيا بدراسة مفهوم "البركة" في عدد من المجتمعات الإسلامية وقارنوها بالقوى الإيحائية التي تشيع في بعض المجتمعات الأخرى، ففي دراسة هارولد غرينرغ حول "تأثير الإسلام على الدين عند السودانيين"، (نيويورك، 1947)، أشار إلى شيوع هذا المفهوم عند الشعب، وعدد ارتباطاته بالأشخاص وبالأشياء كالأدورات والأزمنة والأمكنة.
وفي دراسة ج. بوكسي عن "البركة والمانا والدونم" (في مجلة رفيو أفريكان، 1947)، قارن بين مفهوم البركة وتطبيقاته عند المسلمين، ومفهوم "المانا" عند المسيحيين و"الدونم" عند فئات دينية أخرى، موضحًا وجود عناصر مشتركة بين هذه المفاهيم من خلال ارتباطها بمفهوم "الخير"، والدلالة الإيجابية على عملٍ ما، في حين تختلف في وجود عنصر المفاجأة غير المتوقعة في "المانا" لحصول شيء معين يمكن أن يحصل مثله في واقع آخر، وعنصر خرق المعتاد في "الدونم" لحصول شيء معين لايمكن حصول مثله في الظروف المعتادة. أما الباحثان الألمانيان رودلف كرس، وكريس هنريش في كتابهما "المعتقدات الشعبية في الإسلام" (1963)، فيصوّران "البركة" على أنها قوة سحرية مرتبطة ببعض الأشخاص ويمكن أن تنتقل إلى الأبناء والأحفاد ضمن سلسلة من الأشخاص الذين لهم قداسة. وهو فهم غير دقيق للممارسات الشعبية المرتبطة بهذا المفهوم.
وقد فصّل الباحث الأكاديمي حسن الشامي في كتابه "الدين بين الفئات الشعبية في مصر" (2008)، الأمر من خلال الممارسات القائمة في المجتمعات الإسلامية (مصر مثالًا)، موضحًا الفرق بين "البركة"، و"الكرامة"، وعرّف البركة بأنها سمة إيجابية قد ينعم بها الله على شخص أو شيء (بما في ذلك الأشياء غير الملموسة كفكرة معينة أو حرف هجائي معين، أو اسم..إلخ) أو تصرّف.
وقد تشير إلى البراعة في أداء عمل ما أو القبول الشخصي لدى الآخرين أو التقوى والتديّن للفرد أو التفاؤل بزمن معين (ساعة، يوم، عام)، أو الخصائص الإيجابية المرغوب فيها لنبات أو حيوان أو شيء مثل عبارة أو كلمة أو رسالة.
وذكر الشامي أن "البركة" قد تكون مستمدة من سياق تاريخي ديني، فهناك ساعات وأيام وأشهر مبروكة، فشهر رمضان شهر مبارك، ويوم الجمعة، وليلة القدر، وغيرها. وأشار إلى البركة المرتبطة بالاتجاهات الأربعة، وبالجهات المرتبطة بموضع الشخص (اليمين واليسار)، وبالتصرفات. وحلل قصصًا شعبية تتحدث عن أن يد فلان مبروكة لأنه جرّاح ناجح، وهناك أطعمة مبروكة تفيد الإنسان وغير ذلك من الممارسات الشعبية التي وجدت تصورات ذهنية عند الناس.
ويقابل البركة ما هو سلبي يُعبَّر عنه بكلمات مثل: السخط أو النقمة أو النحس، ويوصف بها الأشخاص والأشياء والتصرفات، ويتصل بذلك مفاهيم كاللعنة والغضب، من منطلق أن الشخص المنحوس لديه حالة شؤم بسبب لعنة أصابته إما بسبب عقوق والديه، أو اقتراف جريمة عظيمة أو غير ذلك من أسباب اكتساب اللعنة، ويعبر عن هذا الشخص المنحوس في بعض اللهجات بأنه "نزغة إبليس"، لأنه يمثل عنصر ضرر، ويمكن أن يخلق مشكلات في أي مكان وفي أي موضوع يكون طرفًا فيه.
وهناك كائنات وحيوانات لها صفة النحس أو أن الناس لايرتاحون لها وهو مايدخل ضمن "التطيّر" الذي نهى عنه الإسلام، وتختلف هذه الحيوانات من مجتمع إلى آخر، وقد فصل في ذلك أحمد أمين في كتابه "قاموس العادات والتقاليد".
وإذا كانت "البركة" يُنظر إليها على أنها طاقة إيجابية معنوية أثيرية، فنحن أمام تصورين: أحدهما يُعطي هذه الطاقة السريّة أهمية كبرى ويُحمّلها مسؤولية النجاح والفشل من منطلق أن هناك أنماطًا من الشخصيات قادرة على اكتساب هذه الطاقة والاستفادة منها، وهي التي تستطيع أن تنجح في العمل، وتتميز في أداء المهام.
وفي المقابل هناك أنماط أخرى من الشخصيات غير قادرة على اكتساب هذه الطاقة، وهي التي تفشل في أي مشروع تقوم به. والتصور الآخر ينظر إلى "البركة" على أنها مُعطى جوهري متّصل بشيء له طرفان واحد منهما عملي مثل: حُسن اختيار التوقيت أو الكلام أو التصرّف أو تقدير الأمور وفهم الأشخاص، والطرف الآخر معنوي يقوم على الصدفة في اقتناص الفرصة واستثمارها بطريقة حكيمة.
وفي كلا التصورين، ثمة إقرار بوجود هذه الطاقة الأثيرية التي تجعل شخصًا يستثمر وقته كله في الإنتاج والعمل الإيجابي المفيد له ولغيره، مقابل تبديد شخص آخر لهذا الوقت دون جدوى أو حصول الأذى والضرر عليه ومنه.
على أن السؤال عن مدى ارتباط هذه "البركة" بأنماط معينة من الشخصيات من عدمها، هو من الأسئلة التي تساعد في الوصول إلى تفسير حول تمايز اثنين من الناس في المكتسبات مع تساويهما في القدرات والإمكانات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.