ذكر تقرير الرياض ( 22 يناير 2012) أن مدينتي الرياضوجدة إحتلتا المركزين الثاني والثالث في تصنيف معهد بروكنجز (Brookings Institute) السنوي على أنهما أسرع المدن العالمية نموا على مستوى الدخل والوظائف بنسبة 7.8% و 6.3% على التوالي. هذا المعهد لا يهدف الى الربح ويقع في واشنطن وله سمعة عالمية ويستخدم مؤشرا موحدا يجمع بين نسبة التغيير في مستوى الدخل والتوظيف معتمدا على المعلومات المتواجدة من أكسفورد ايكونمسكس ومودييز والإحصاء في الولاياتالأمريكية، لكن السؤال كيف حصل على تلك المعلومات التي لا توجد على موقع هيئة الإحصاءات العامة حتى نستنتج منها تلك النسب بدلا من تلقى معلوماتنا من الخارج أو أنها سربت له من أجل نشرها. لا شك ان اقتصادنا قوي ونما نموا حقيقيا بنسبة 6.77% في العام الماضي مع ارتفاع إيرادات النفط إلى 1.032 تريليون ريال، مما رفع متوسط دخل الفرد السعودي من إجمالي الناتج المحلي إلى 76 ألف ريال، لاحظ هذا ليس الدخل المتاح للفرد (الأجور)، وإنما عبارة عن تقسيم إجمالي الناتج المحلي على عدد السكان السعوديين لقياس قوة الاقتصاد فلو كانت إيرادات النفط أقل لكن دخل الفرد اقل. كما أن الدخل المتاح في القطاع الحكومي ارتفع بعد أن أصبح الحد الأدنى للأجور 3000 ريال بالإضافة إلى الأوامر الملكية التي تدعم دخل المواطن السعودي. أما على مستوى التوظيف فهناك تحسن، ولكن كم النسبة بناء على الأرقام الرسمية؟ لأن آخر إحصائيات نشرتها هيئة الإحصاءات العامة كانت في عام 2009 عن القوى العاملة، بينما الكتاب الإحصائي السنوي لوزارة العمل في 2010 أوضح أن عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص بلغ 724 ألف عامل وبنسبة 10.37% والأجانب 6.27 مليون عامل وبنسبة 89.65% من إجمالي العاملين، ما يؤكد تدني نسب التوظيف في القطاع الخاص. كما أن هذه الإحصائيات فقط توضح عدد طلبات الباحثين والمرشحين بدون ذكر عدد أو نسب التوظيف التي من خلالها نستطيع تقييم الانجازات. رغم ذلك فإن الأوامر الملكية التي تأمر بتوظيف السعوديين في القطاعي الحكومي والخاص لها تأثير إيجابي على معدل التوظيف الذي سيتحسن هذا العام مع تطبيق تأنيث المحلات، ولكن مازال لدينا 700 ألف باحث في برنامج حافز من 2 مليون باحث مسجلين مع وجود أكثر من 6 ملايين وافد يعمل في السوق السعودية. ومازال نمو الأعمال يتركز في المدن الرئيسية مما حفز الزحف العمالي من القرى إلى هذه المدن من اجل إيجاد فرص عمل. إن تقرير معهد بروكنجز تجاهل الربط بين قوة الاقتصاد السعودي وعدد الباحثين عن العمل ومعدل التوظيف، حيث لم يرجح أرقام التوظيف مقابل أرقام الباحثين فلو كان معدل الباحثين أعلى من معدل نمو التوظيف فان الصافي يكون سلبيا وكذلك يجب مراعاة التغيرات الموسمية. كما تجاهل هذا التقرير ما يخدم مصلحة الاقتصاد السعودي وهو التوظيف الحقيقي لسعوديين بنسب اكبر بدلا من تلميع النسب حتى يكون لهذا التقرير صدى في مكان ما. إن نتائج هذا التقرير لا فائدة منها على غرار تقارير مستوى جامعاتنا عالميا أو هيئة الاستثمار (10/10)، ولكن الغريب تجاهل هذا التقرير الربط بين معدل الدخل وجودة مستوى المعيشة العام، حيث احتلت مدينتا الرياضوجدة المركزين الخامس والسادس عربيا وال 157 وال 159 عالميا من إجمالي 221 مدينة ضمن مؤشر "ميرسر" لجودة مستوى المعيشة للعام. إننا نحتاج إلى المزيد من الإحصائيات الرسمية التي توضح دخل الفرد المتاح ومعدل نمو التوظيف من خلال نشر مؤشرات التوظيف والبطالة بصفة دورية أسبوعيا أو على الأكثر شهريا تمكننا من وضع الاستراتيجيات المناسبة من أجل تقليص معدل الباحثين عن العمل إلى ما دون 3%. *عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية، عضو الجمعية المالية الأمريكية