لم تكن ردة فعل جماهير النصر بعد الخسارة من الهلال مماثلة لما هو بعد هزائم سابقة، فالإحباط سيطر على أنصاره وهم الذين يرون فريقهم الكبير يخسر بالأربعة من المنافس التقليدي، وحتى الخسارة بفارق ثلاثة أهداف ربما لا تكون أمرا مسببا لإحباط في عالم كرة القدم؛ لكن المشكلة الكبرى تمثلت في الخوف والارتباك الذي بدأ به لاعبو النصر المواجهة، واستسلامهم التام لخصمهم منذ الدقائق الأولى لتقود لسيطرة هلالية متواصلة، وجرأة على النصر أكثر من ذي قبل. في السابق كان النصر أكثر ثقة من الهلال بعيدا عن التفوق الفني لأي منهما، بل حتى في مراحل تفوق الهلال الفني كان (الأصفر) يقدم أداء مرضيا لجماهيره، واليوم يجد صعوبة في الثبات أمام منافسه، فشاهدنا مباراة جماهيرية تنافسية، وتفوقا فنيا لطرف واحد. القضية ليست إعدادا نفسيا لمباراة واحدة فقط، بل القرار الفني قبل ذلك هو الأهم، فقد ضرب مسيرو النصر مثالا سيئا بعدم الاهتمام بالاستقرار على صعيد اللاعبين، فشاهدنا منطقة الدفاع مهلهلة تخلو من قائدها الجزائري عنتر يحيى فجأة دون سابق إنذار وقبل مباراة يفترض أنها الأهم للنصر أكثر من غيره وهو الذي لم يعد له سوى التركيز على البطولات القصيرة، استغنوا عن عنتر فتذكرت المدافع البرازيلي إيدير الذي تمسك به الأورجواني داسيلفا قبل عامين في مثل هذه الظروف وخلال فترة التسجيل الشتوية؛ لكنهم رأوا خلاف ذلك وسبّب التغيير آنذاك خللا دفاعيا يشابه الوضع المأساوي الحالي، وأمام الهلال أيضا في ذهاب كأس الأبطال؛ فتلقت شباب العنزي وقتها ثلاثة أهداف في الشوط الأول قبل أن يعود النصر بعد فوات الأوان ليخسر 3-5. النصر أبرم تعاقدات عدة في الفترة الشتوية، أظنه من أكثر الأندية التي صرفت مبالغ في هذا الجانب على صعيد المحليين والأجانب، أرى عشوائية في اتخاذ القرار، حين صرفوا النظر عن عبده عطيف تصورت أنها نظرة فنية تخشى عدم التورط في لاعب غير جاهز، فإذا بهم يعلنون التعاقد مع خالد عزيز! جماهير النصر محبطة جدا ليس لخسارة مباراة، بل لشعورها بأن القرار في ناديها غير واضح، الكل يتساءل من يتخذ القرار في هذا النادي الكبير، لقد كانت مشاركة خالد عزيز، غير الجاهز وغير المنضبط أساسيا كارثة بحق فريق كبير يفترض أن يُحترم شعاره بدرجة أكبر، ولنا في الهلاليين مع الحارثي الذي يتدرب منذ شهر ولا يزال ينتظر الفرصة عبرة، وإذا كان المدرب ماتورانا هو من استدعى عزيز أساسيا، وهو الذي لم يتدرب أمام ناظريه؛ فتلك مصيبة، وإن فُرض عليه ذلك من قبل من تكفل بقيمة عقده فالمصيبة أعظم!! التعاقدات النصراوية العديدة أخيرا ليست مدروسة بقدر كاف، بدليل البرازيلي الجديد البعيد عن الكرة منذ شهرين، أما عديد المحليين ممن جاوز بعضهم ال30 من العمر، أو افتقدوا لأساسيات الاحتراف فلن يحققوا النقلة المنتظرة؛ بل جيء بهم للقضاء على ما أخرجته وتخرجه القاعدة النصراية، من المواهب التي تنتظر الفرصة ولن تجدها طالما كانت أنظار صانع القرار بعيدة عنهم.