من يقرأ ما يكتب عن قضية قيادة المرأة للسيارة لدينا يعتقد أنها من الأولويات في حياتنا نحن النساء.. وكأن جميع مشكلات المجتمع من بطالة للجنسين قد تم القضاء عليها وأن وزارة العمل ووزارة الخدمة المدنية قد حققتا إنجازاتهما في توظيف المواطنات والمواطنين ومنحت لمن هن معينات على بند محو الأمية وهو نظام سخرة يصمت الجميع عن مناقشة سلبياته وضرره على الموظفات. وأيضاً المعينات والمعينون على بند الأجور وهو أيضاً نظام ظالم يستثمر أزمة عدم وجود وظائف وزيادة العرض على الطلب ليرضى الباحث عن الوظيفة بالتعيين على هذا البند الذي لا يناسب كفاءة من يتم التعيين عليه.. وأيضاً يحدث هذا والجميع لم ينفعل هذا الانفعال الذي واكب قضية قيادة المرأة حيث نجد أن أي صحيفة وقناة إعلامية إلا وتتحدث عن قيادة المرأة للسيارة وكأن الحصول على رخصة القيادة سيصلح الطرق الوعرة التي تموت عليها النساء المعلمات اللاتي يتركن منازلهن مع الفجر ليداومن في مدارس تقع في مناطق بعيدة عن سكنهن بل عن مدينتهن ولا يعدن إلا مع اقتراب مغرب اليوم نفسه!! والعديد من حالات الطلاق تمت لعدم التوفيق بين مقر عمل النساء وعمل أزواجهن!!. وهؤلاء النساء اللاتي معظمهن بلا عمل!! فإن رخصة القيادة لا تعني - بالتالي - لهن حلاً أو مكانة أو كما يردد من يقف في صف المؤيدين (حتى لا نكون نحن الدولة الوحيدة التي تحرم النساء من قيادة السيارة)!! نظام المرور بما فيه من قضايا ومجتمعنا يحرز قصب السبق في حالات الوفاة من حوادث الطرق وحالات الاعاقة وعودوا إلى قراءة الدراسات والأبحاث التي تتحدث عن هذه الحوادث المؤلمة «فهل حصول المرأة على رخصة القيادة سيحل هذه المشكلات؟!. مجتمعنا يعاني من حالات الجرائم والمخدرات وما ينشر منذ شهر تقريباً عن أوكار الجريمة في معظم مدن المملكة من ترويج للدعارة وسحر وشعوذة من عمالة أوجدت هذه الأوكار وشكلت نسقاً من الجرائم التي تهدد أمن المجتمع.. فكيف نتغاضى عن هذه الحوادث ونخفق في تحديد أولويات المجتمع؟! وما ينشر حالياً من آراء وما يقال إنها تحقيقات صحفية هي في صف جانب المؤيدين وبموضوعية هي لا تمثل واقع المجتمع.. ولا يعني هذا أنه لا توجد هناك شرائح من النساء يرغبن في الحصول على رخصة قيادة السيارة ولكن لا يمكن أن نعمم هذه الرغبات على جميع النساء.. إن مئات الآلاف من المواطنات بلا عمل فمن التي ستبتاع سيارة؟؟ ومئات الآلاف من الشباب بلا وظائف وفي انتظار حلول وزارة العمل التي وعدت بها!! فمن سيصرف على شراء سيارة هذه المرأة في منزل به عاطل!؟ بل أكثر من عاطل!!. .. كنت أتمنى أن يعلن الرجال عن حقيقة دفعهم لموضوع قيادة السيارة للنساء والذي لا يخرج في جانب منه عن تخفيف المسؤولية عنهم، كما يردد أحد المسؤولين في إحدى الوزارات!! إنه يتمنى حصول المرأة على قيادة السيارة كي يرتاح من تحمل مسؤولية إيصال بناته وزوجته للجامعة ولعمل الزوجة!! إذن القضية في جزء منها تخفيف مسؤولية هذا الزوج وذلك الأب وزيادة عبء على النساء!!. ومن عجائب المبررات التي تنشر في جانب الإصرار على منح المرأة رخصة القيادة قول أحدهم ونشره ذلك في مقالته إنه إذا تعذر ذلك على النساء السعوديات فلا بأس من استقدام نساء يعملن (سائقات)!! إذن ما الفائدة من هذا الإصرار على رخصة القيادة للنساء؟؟ إذا تم استبدال السائق بالمرأة بل واستقدامها من الخارج؟! ألا يكفي المجتمع ما لديه من عمالة نسائية اتضح مؤخراً كيف يتم توظيف بعضهن في السحر والشعوذة والدعارة؟!. كما أن معظم من يطالبن بقيادة السيارة والسائقين!! هن من المترفات اللاتي تمتلئ منازلهن بعدد من السيارات!! بل العديد منهن يعلنّ أنه في حالة صدور القرار فإنهن سيسارعن باستقدام فلبينيات للعمل بدلاً من السائق وأيضاً الاستفادة منهن بعد ذلك لعمل (البيديكير والمنيكير) أي التجميل داخل المنزل!! فهل هذا احتياج مجتمعي وتوفير مالي كما يدعي من يطالب بذلك؟؟. .. إن مشكلة المواصلات لدينا وما يحيط بحركة الموظفات لن تحلها رخصة القيادة للمرأة بل لابد من شبكة (مواصلات آمنة) واستراتيجية مرورية لنظام مرور آمن يحمي الجميع من المتهورين الذين لا يجدون من يردعهم فحرف (الواو) يُخرج كل متهور من أي مخالفة أو اعتداء على النساء في سياراتهن حتى وهن مع أولياء امورهن أو سائقيهن فكيف إذا وجدن وحدهن؟! ولست هنا أطعن في مقدرة النساء على الدفاع عن أنفسهن ولكن إجراءات حماية الجميع ليست متساوية وليست صارمة كما هي في المجتمعات المتقدمة التي لا تفرق بين هذا أو ذاك عند حدوث المخالفات المرورية. ٭٭ إن مجلس الشورى حريّ به أن يعيد النظر في أولويات القضايا المجتمعية التي تمس أمن المواطن وظيفياً وصحياً وتعليمياً.. وإذا كانت قضايا المرأة مهمة لدى البعض فالأولى توفير الوظائف بالرواتب المجزية لهن وتأمين الطرق الوعرة المخيفة التي التهمت آلاف المعلمات ضحايا تلك الطرق وضحايا عنجهية قرارات التعيين والنقل والواسطة والمحسوبية. ..بقي سؤال مهم.. هل جميع نساء اليابان - مثلاً - لديهن سيارات؟! بل هل جميع المواطنين هناك يملكون سيارات؟! إذن القضية ترتبط بالدرجة الأولى في استراتيجية خطوط النقل والمواصلات بكافة أنواعها للجميع.. وكم أتمنى أن نطالب الآباء والأزواج بأن يتحملوا مسؤولية أسرهم بدلاً من التخلي عن هذه المسؤولية للسائق الأجنبي والتعلل بالوظيفة والدوام.. ومن يأنف من وجود السائق الأجنبي مع زوجته فالحل أن يكون هو (سائقها) بدلاً من أن يطلب منها أن تتحمل مسؤولية إيصال الأبناء بدلاً منه ولكن تحت ستار إنصاف النساء!! .. مرة أخرى أؤكد أن هناك مشكلة في توفير وسائل المواصلات للعاملات على مختلف مستوياتهن سواء كن أستاذات في الجامعات أو عاملات نظافة ولكن الحصول على رخصة القيادة ليس هو الحل!!.