يعاني الأطفال كثيراً في أوقات الإجازة، بسبب أوقات الفراغ التي يواجهونها، الأمر الذي يجعلهم يفعلون أي شيء، في سبيل التخلص من الملل، وربما أنهم فعلوا أموراً لا تعجب الأهل، سواء بتكسير أو تهميش بعض الأثاث، وهو ما يجعل الآباء والأمهات في حالة استنفار قصوى، على أمل أن تتم مراقبة الصغار دون أن يرتكبوا تصرفات من شأنها أن تزيد التخريب في المنزل، أو ربما عرضتهم للخطر. والطفل كما هو معروف على استعداد دائم للعب والعبث بأي شيء يراه أمامه، وهو يهوى الاستطلاع والاكتشاف، وهنا يحدث أن يسقط هذه "التحفة" أو يمسك بقلم ما يراه حوله، فيبدأ بعمل "الخربشات" والأشكال التلقائية المختلفة على هذا الجدار أو ذاك السطح، وهنا لابد من توفير وسائل ترفيهية داخل المنزل، لإشغاله فيما يفيده، مع مراقبته بصورة كبيرة للحد من التصرفات السلبية، إلى جانب غرس روح المثابرة والاعتماد على النفس لديه. "الرياض" تطرح الموضوع لمعرفة الطرق التي تكفل الترفيه لأبنائنا دون الإضرار بالمنزل أو بأنفسهم أو بغيرهم. إيذاء نفسه ونجد أن الطفل يسعى الى الكثير من ضروب العبث البريء، مما ينتج عن ذلك بعض الخسائر، فينشأ الطفل هدّاماً بدلاً أن يكون بناء لا لسبب سوى أنه افتقد التوجيه السليم، وهو يتخلص من طاقة النشاط الزائدة فيه، أو لعدم وجوده في مكان مخصص للعب في الأحياء، حيث لا توجد مراكز مخصصة بين المنازل كمقر لاستقبال صغار الأطفال، خصوصاً مع تزايد إعداد الأطفال الصغار في مجتمعنا، لذلك كان لابد للأبوين أولاً، وللمدرسة ثانياً، من الإشراف على الأطفال في وقت فراغهم، وتوجيههم إلى ما فيه خير لهم، حيث ان نشاط الطفل إذا لم يصرفه في التسلية البريئة المفيدة، صرفه نحو الإفساد والعبث، بل وحتى إيذاء نفسه كما يقول أهل الاختصاص. طاقة كبيرة وأكدت "سعاد الحسن" -أخصائية أطفال باحدى المدارس الخاصة- على أن لدى الأطفال طاقة كبيرة، منذ بداية تعلمه الزحف والمشيء، مضيفةً أن حب الاستكشاف والاستطلاع يكون لديهم كبيراً، وبالتالي فهم يعبثون بكل شيء أمامهم، لذلك على الأسرة تحمل مسؤولية ملاحظتهم ومتابعتهم وبصورة مباشرة، فمجرد غيابنا عن ذلك قد يتعرضون إلى المشاكل، كأن يصيب نفسه أو يتسبب في تخريب أو تكسير أشياء تقع بالقرب منه، مشددةً على أنه من الضروري أن نضع أطفالنا الصغار تحت مراقبة دائمة منا، ولا نوكل ذلك فقط للخادمة، فربما تكون مشغولة، مبينةً أن الحل عادةً ما يكون في وجود أماكن أو مراكز تشرف عليها تربويات ومتخصصات. أماكن مناسبة وأوضحت "سعاد الحسن" أن المشكلة الحقيقية في البحث عن الطريق الوسط الذي يوائم بين حرية الطفل في ممارسة نشاطه المفضل، وبين القيود التي يغرسها المجتمع الذي سيصبح فيما بعد أحد أعضائه، مضيفةً أن أول ما يجب أن نوفره لأطفالنا هي الأماكن المناسبة للعب في الأحياء، وتحت إشراف تربويات، حتى نتركه ينفس عن غرائزه المشروعة، مؤكدةً على أن للطفل أهواءه، وأن هذه الأهواء تتغير من ساعة إلى أخرى حسب مزاجه الذي لا يثبت على حال، مشيرةً إلى أنه لا يجب أن نندهش إذا كان طفلك يميل الى الوحدة أحياناً، وإلى الاجتماع باترابه أحيانا أخرى، ولابد من أن تفهم الأسرة طبيعة طفلها، فهو كائن له "سيكلوجية" خاصة، ذاكرةً أنه أحياناً يريد أن يفكر وحده، وأن يسرح ببصره، وأحياناً أخرى يريد أن يسأل، ويحاول أن يجد الجواب عند من هم أكبر منه عمراً، وتارة عند أترابه الذين هم من عمره، مبينةً أنه يريد أن يمشي، وتارةً يجري، وتارةً أخرى أن يتشاجر، وأن يصرخ ليسمع الجميع صوت نفسه، وكذلك يريد أن يهدم، وأن يبني، ليشعر نفسه بأنه قادر على شيء. طريقة تلقائية وذكرت "سعاد الحسن" أن كل هذه الأنواع من النشاط يمارسها الطفل بطريقة تلقائية، وهنا يجب على الوالدين ألاّ يتدخلوا في هوايات أطفالهم ووسائل تسليتهم، مضيفةً أن تعليم الطفل وممارسته لهواياته ونشاطه الخاص، يجب ألاّ يكون فيه أضرار بغيره، وألاّ تكون على حساب الأوقات المخصصة لعمله المدرسي، مبينةً أنه يجب أن يمنح الطفل الكثير من الحرية، وكذلك القدر الذي يسمح له بتحقيق هذه الرغبات، حتى يتعلم أنه إذا بدأ بشيء وجب عليه أن يُتمه، وأن يحسن أداءه، وبذلك نستفيد من ميوله ونستثير فيه الرغبة في الابتكار والبناء، بل ونغرس فيه روح المثابرة والاعتماد على النفس، لافتةً إلى أن مجال النشاط في أوقات الفراغ لا يقتصر على المنزل وحده، بل يجب أن يكون موزعاً بين المنزل والمدرسة ومراكز الأطفال إن وجدت. وسائل تسلية وأكدت "سعاد الحسن" على أنه في المنزل الأمر يتوقف بطبيعة الحال على طاقة الأبوين المالية، وعلى إمكاناته من حيث السعة أو الضيق، وكذلك وجود وسائل التسلية النافعة، فهناك مثلا ألعاب التسلية الشائعة، وهي كثيرة وباتت متوفرة والمصنوعة من اللدائن الخفيفة، والتي تنطبق عليها موصفات السلامة والجودة، كذلك ألعاب الرسم و"الكمبيوتر"، مشيرةً إلى أن منازلنا في السنوات الأخيرة باتت زاخرة، بل وتتوفر فيها مثل هذه الألعاب وحتى أكثر، لكن مع وجود هذه الألعاب ومساحات اللعب المناسبة داخل المنزل أو الشقة، يحتاج منا مراقبة ومتابعة أطفالنا خلال أوقات فراغهم التي تتضاعف في الإجازات والعطل، كما يحدث الآن في عطلة الربيع، حيث يتطلب منا مضاعفة الاهتمام والمتابعة والمراقبة بحب.