شاهدتُ قبل أيام الجزء الرابع من سلسلة أفلام العالم السفلي أو UNDERWORLD .. وهو آخر جزء (أطلق هذا الشهر يناير 2012 تحت اسم Awakening) ضمن سلسلة أفلام تدور رحاها في عالم غامض بين مصاصي الدماء ومتحولين من قبيلة الذئاب.. ورغم أنني نعست كثيرا خلاله (لدرجة دخلت بعض أجزائه ضمن أحلامي) إلا أنه ذكّرني بقصة معلم فاضل زارني قبل سنوات فقط ليسألني: هل صحيح ان هناك حالات يتحول فيها البشر الى ذئاب؟ - قلت: قرأت عن هذه الحالات ولكنني أعتقد أنها مجرد أساطير وفلكلور شعبي. -حك ذقنه وقال: كيف مجرد أساطير؟ - قلت: الفكرة موجودة في الموروث الشعبي لكل الأمم يتحول فيها الانسان الى ذئب إذا جن الليل او اكتمل القمر (وتطلق عليها العرب الاستذئاب والانجليز Werewolf).. وفي هذه الحالة يتقلص الوجه وتبرز الأسنان وتطول المخالب ويعوي الشخص كالذئاب. وتدعي بعض الأساطير ان المصاب يستجيب لنداء الذئاب إذا اقتربت فيخرج اليها ويسرح معها ويعود في الصباح. وحين يكون في هذا الوضع تصبح حواسه قوية مثلها (وبالذات حاستي الشم والسمع).. ولكن كما قلت هذه مجرد أساطير! - ابتسم بطريقة تشير الى عدم اقتناعه بكلمة (أساطير) وقال: ماذا إن أخبرتك أنني أعرف شخصاً يتحول في الليل الى ذئب!؟ - ملتُ أنا نحوه وقلت: مااااذا، هل أنت متأكد؟ - قال: متأكد كما أراك أمامي. قلت: هل تقسم بالله ان الأمر حقيقة. قال: أُقسم بالله على انه حقيقة وان الرجل "يصير عديلي"... - قلت: وكيف تحدث الحالة!! - قال: يستيقظ في الليل وقد توحشت ملامحه وبرزت أسنانه ويعوي كالذئاب. وقد هجرته زوجته الأولى بسبب هذه الحالة ثم تزوج أخت زوجتي التي صبرت عليه وكتمت سره خصوصا انه لم يكن يؤذيها. وحين كان يستيقظ في الصباح كانت تخبره بما فعل في الليل فيكذبها.. ولكنها هذه الايام هربت عند أختها حين سألتها عن السبب قالت: لأن الحالة ظهرت ليلة أمس عند ابنه البكر - وهي تخشى ان تنجب منه مزيداً من الأطفال!! - ومرة أخرى قلت له أتقسم بالله بأن القصة صحيحة!؟ قال: يا رجل "زوجته" في بيتنا.. قلت: في هذه الحالة سأبحث في الموضوع وأرد عليك؛ فوافق ووضع في جيبه ثلاث تمرات وخرج!! ... وحسب علمي ظاهرة الاستذئاب (أو لنقل الاعتقاد بحصول ذلك) كانت شائعة في أوربا حتى مطلع الثورة الصناعية - وماتزال حيّة هي ومصاصي الدماء في الثقافة الغربية .. ففي عام 1898 مثلا اعتقد فلاح فرنسي (يدعى جاكوي روليه) انه ذئب وتم إعدامه بتهمة اختطاف الأطفال وافتراسهم في الغابة.. وهناك حالة موثقة وقعت بمنطقة اسكس الانجليزية عام 1987 بطلها عامل بناء يدعى بيل رامسي أصيب بحالة استذئاب فقبضت عليه الشرطة وحولته الى مستشفى رنويل للصحة النفسية ...!! وفكرة الرجل الذي يتحول ليلًا الى ذئب استحوذت على اهتمام السينما لدرجة أنتجت هوليوود وحدها 76 فيلما عن هذا الموضوع (كان آخرها الجزء الرابع من العالم السفلي والرجل الذئب ل جي نيكولاس)!! ولانني لا أصدق بإمكانية تحول أي مخلوق الى نوع مختلف أرى ان اقرب الاحتمالات هي: - الإصابة بحالة نفسية نادرة (تدعى Iycanthropy) يعتقد فيها المرء انه يتحول الى حيوان متوحش! - او الإصابة بداء السعار (Rabies) حيث تظهر على الانسان أعراض مشابهة بعد عضة ذئب او كلب مسعور. - وقد تعود الظاهرة الى نوع من الانفصام المجنون او الصرع العنيف الذي يضخمه الليل ومبالغة الناس! - وهناك احتمال الإصابة بأمراض نادرة قد توحي أعراضها بتحول الانسان الى ذئب (مثل مرض البورفيريا)! - وأخيراً ؛ وجود تراث ثقافي واستعداد مسبق لتقبل مثل هذه الروايات- التي لا تختلف في نظري عن السعلية والغول والعنقاء في تراثنا العربي - !!