نتفق أن شركات الحراسة الأهلية في بلادنا خدمة جديدة جاءت من تقلبات الزمن وتعقيدات العصر . لكنني انثني قليلا لأقول إنها كانت موجودة على نطاق فردي في عامة بلادنا قديماً . فقد سمعنا بحارس العمارة ، وحراس الأسواق ( العسّة ) و ( الصيتي ) في الظهران حيث نشاط أرامكو . والكلمة الأخيرة تحريف الكلمة الإنجليزية ( السيفتي ) SAFETY وتعني الأمن أو السلامة . وللحارس الليلي اسم آخر في بعض مناطق الوسطى وهو ( الحَوَفْ ) . وأميل إلى أن المفردة الأخيرة ( حوف ) جاءت من الحافة والحَوْف: الناحِيةُ والجانِبُ . وتَحَوَّفَ الشيءَ: أَخذ حافتَه وأَخذه من حافَتِه.( لسان العرب ) ، بما معناه الدوران حول حافة المنطقة المحروسة . وأيضا هناك الناطر أو الناطور وهو حافظ الزراعة والثمار . وكل ماجاء صفات لمن يقوم بحراسة نطاق معيّن. والقول بما سبق يرينا أنها مهنة مطروقة ومطلوبة عند البشر في مختلف الأزمنة . و شركات التزويد بأفراد الحراسة الحالية نُسخ مطورة لعملية الماضي . لكن الفرق هو أن الشركة هي التي تأخذ النصيب الأوفر من الرزق وتترك للعامل الفتات رغم كونه أكثر تعرضا للخطر في كل لحظة من لحظات عمله . ثم إنها دأبت على التعاقد مع وافدين ، إما بواسطة الاستقدام أو عن طريق البحث والإعلان عن محليين . ويعرضون رواتب لا تكفي السعودي ، ويُقبل عليها غيرُه بسبب فارق مستوى المعيشة . ولا أرى بأسا من تعاقد المؤسسات الحكومية والأهلية مع شركات حراسة . ولكن بشرط أن يكون العاملون من السعوديين فقط . وتوقف مسيّرات الصرف لو ظهر من بينهم غير سعودي . فما داموا يستلمون الملايين لقاء عقودهم فليرفعوا راتب السعودي ويمنحوه ما يحتاج من المميزات والأمن الوظيفي . وقد يأتي ذلك ضمن قانون صارم يُبعد التعاقد مع غير السعوديين . وصحيح أن تلك الشركات سوف تدعي أن العامل السعودي غير منضبط ، ويطلب راتبا عاليا ، وأنه .. وأنه .. ، . فليكن الجواب بأنكم أيضا يا أصحاب شركات الحراسة تقدمون عروضا بأرقام خيالية ويرزقكم الله الموافقة عليها بلمحة بصر . أتريدون أن يدخل العطاء جيوبكم وأرصدتكم ، وتبخلون بالقليل منه على أبناء جلدتكم ؟ ثم تتركون المنظرين والكتّاب يتحدثون عن انتشار البطالة . شيء غريب بل يدعو إلى السخرية أن نجلب أفرادا يحرسوننا ونحن نردد في أغانينا الحربية ، ( العرضة ) ونقول : - حنا نهار الكون عادتنا نفوج الطريق . لو هو مضيق (ن ) ننتحي يمّه سواة النظام .