لا أحد قال لنا لماذا ظهرت إحصائيات تقول إن البعض من المؤلفين والكتاب أثروا من نشر نتائجهم. والبعض الآخر ممن بذلوا جهدا في الجمع والتأليف، ثم بذلوا مالا في الإخراج والطباعة والتوزيع لم يستطيعوا حتى تغطية تكاليف جهدهم. سمعنا وقرأنا عن ثروة مؤلف، وسمعنا وقرأنا عن إفلاس أو إغلاق دار نشر. وهناك هوة أو فجوة غير مفسرة. وتهتم بعض المعارض الموسمية العالمية بنشر أكثر الكتب مبيعا. وقرأت دراسة لم يذكر صاحبها مصادره بأن نسبة القراءة في العالم العربي بلغت مستويات متدنية تبعث على القلق. قالت الدراسة أن معدل القراءة لدى الفرد العربي لا يتجاوز 6 دقائق سنوياً في حين أن حصة نظيره الأوروبي تبلغ نحو 200 ساعة سنوياً. ونتفق على أن الإحصائية إن صدقت مخيفة. وعزت الدراسة هذا الوضع - رغم تفاوت مستوياته بين البلدان العربية - لعدد من العوامل: على رأسها السن والمستوى الثقافي والاقتصادي، والوسط المعيشي والجغرافي والبيئي. وشاعت - في غير تلك الدراسة - فكرة استيلاء شبكة الإنترنيت على اهتمامات القارئ فغطّت على الكتاب الورقي. وأُخالف ذلك القول بأن القراءة في الأدب العالم ودقائق العلم الحديث وجمالية الرواية والشعر لا تحتويها المواقع الإلكترونية. فتصور صدور كتاب عن سيرة حياتية لرجل أو إمراة، فالمواقع قد تعطيك النبذة التي لا تتجاوز الأسطر، والكتاب الورقي يمنحك كل شيء. وأبرزت دراسة أن اختلال بيئة التعليم هي السبب في تعطيل علاقة الإنسان بالكتاب. ويقول خبراء في علم الاجتماع أن بين الأسباب في تعطيل علاقة الإنسان العربي بالكتاب ارتفاع مستويات الفقر والأمية وعدم كفاءة التعليم والمناهج الدراسية في البلدان العربية. أعرف قارئا نهما يقول: ما مثل إلى حطيت ماقف. يقصد بذلك أن طريقته المحبوبة في القراءة هي قراءة الكتاب صفحة صفحة. وإذا نال منه التعب وضع ريشة في بطن الكتاب، وعند الصفحة التي توقّف عندها ليعود إليها في وقت لاحق. ودليل على استمرار الشعوب للكتاب الورقي جاءت مصانع جلود بإنتاج مسطرة من الجلد الناعم، جذابة، يستعملها القراء في بطون الكتب والمجلدات لمحطات توقّف.