وبقيته : مفسدة للمرء أي مفسدة ، في كل بلاد العالم التي زرتها أو عشت فيها ، يوجد شيء مفيد يملأ الفراغ ويفيد الإنسان : نواد ومنتديات وسنما ومسرح ومكتبات ، ومضامير للمشي والهرولة وملاعب وحمامات سباحة عامة ، وشوارع فسيحة وعريضة ونظيفة تشرح الخاطر ، ثم هناك في كل مدرسة أو جامعة مقهى يتجمع فيها الشباب للدردشة ، ثم هناك أخيرا نواد للانترنت ، بحيث لا يوجد لدى الشاب أي فراغ ، عدا أن مصروفه اليومي حتى لو كان أبوه ثريا لا يسمح له بالتبذير والإسراف وشراء المخدرات ، ثم إن المخدرات لا يتعاطاها إلا شخص يقتله الفراغ ، وكل ما ذكرت غير موجود في السعودية ، مع أنه من دون الكثير من بلاد العالم لدينا جهاز لرعاية الشباب ، ولكنه في الحقيقة لرعاية كرة القدم التي لا تحتاج إلى جهاز لرعايتها بقدر ما تحتاج إلى اتحاد قوي لا تصرف عليه الحكومة ولا تشرف عليه ، وفي هذه الظروف : ما الذي يمكن أن يفعله الشباب ؟ التفحيط والمخدرات ، والسرقة إذا أعوزته النقود التي يشتري بها المخدرات ، فما العمل ؟ هناك عشرات الحلول التي أخذت بها دول العالم كالمسابقات الرياضية ، والمسارح التي أنشئت خصيصا ليمارس فيها الشباب مواهبه المسرحية ، وهناك مسابقات رياضية ، وفرق موسيقية للهواة ، ثم هناك معارض تشكيلية ومحاضرات أدبية ، ثم هناك أخيرا حدائق عامة يتمشى فيها الشاب على رجله أو على دراجته ، وهناك في باريس بالذات محطات للدراجات يستأجر الإنسان منها دراجة ويتجول عليها لفترة من الزمن ثم يعيدها إلى مكانها ، باختصار عندهم ما يقتل الفراغ ، أما عندنا فالفراغ يقتلنا .