عُرف الممثل الأمريكي ديفيد شويمر بحضوره في التسعينيات الميلادية في المسلسل التلفزيوني الشهير «فريندز» بشخصية «روس» الخجول الذي يحب صديقته ريتشل «جنيفر أنيستون» دون أن يتمكن من مصارحتها. ولقد اعتبر هذا الدور هو دور حياته، حيث لم يعد يُعرف إلا به، وأينما رحل فسيبقى في نظر الجمهور العريض هو «روس» الذي شارك في المسلسل الشهير ولا شيء غير ذلك، رغم أن له حضورا في مسلسلات أخرى، وحضورا لافتا في السينما كمخرج وليس ممثلاً، حيث قدم فيلمين من إخراجه؛ الأول عام 2007 بعنوان Run Fatboy Run, والثاني بعنوان (ثقة -Trust) والذي اعتبر بحسب كثير من النقاد الأمريكيين أحد الأفلام الجيدة في عام 2011. يقدم ديفيد شويمر في فيلمه هذا دراما مثيرة مستعيناً بطاقم من الممثلين الممتازين على رأسهم كليف أوين وكاثرين كينر والممثلة ليانا ليبيراتو ذات الستة عشر عاماً والتي حملت على عاتقها دور البطولة الرئيسية بشخصية الفتاة آني التي تتعرض للاغتصاب من قبل رجل كبير في السن تعرفت عليه عن طريق الإنترنت. يركز الفيلم على الجانب النفسي للفتاة في قالب مثير عنوانه الأكبر: محاولة القبض على الجاني، ومضمونه: حجم الأذى الذي طال الفتاة وعائلتها من هذه الحادثة. أفلام كثيرة تناولت قضية اغتصاب القاصرات من قبل مرضى مهووسين، لكن ما يميز هذا الفيلم أنه يكاد يكون الوحيد الذي اختار «الإنترنت» موضوعاً له، أو وسيلة للاغتصاب يذهب ضحيتها المراهقين الذين يقابلون العالم ب»ثقة» وبراءة دون أن يدركوا أبعاد الخطر الذي يتهدّدهم به هذا العالم المفتوح على مصراعيه والذي يضم في ثناياه الصالح والطالح، الطيب والشرير، والشاذ والمجرم والمريض. وهكذا نرى الفتاة آني في بداية الفيلم وهي تتصفح الإنترنت متنقلة بين مواقع التعارف والصداقة تدفعها نواياه الطيبة التي لم تختبر خبث الحياة بعد، لا هي ولا والديها اللذان يعيشان حياة مثالية وادعة ولم يختبرا هم أيضاً تجارباً في الحياة تجعلهما يحذران من الآتي.. لذلك تعاملا مع صداقة ابنتهما لشاب صغير عبر الإنترنت بثقة لا تخلو من سذاجة. لكن حادثة الاغتصاب تغيّر كل شيء؛ وتضع والدها تحت ضغط نفسي كبير، إذ أهمل حياته وعمله وجعل همّه الرئيسي القبض على المجرم المحترف الذي أخفى كل وسيلة يمكن أن تكشف عن شخصيته الحقيقية. ولعل اللافت هنا، أن الفتاة ورغم كل ما حصل لها لا تزال تدافع عن هذا المجرم لأنها «تحبه» وهي غير مقتنعة بأن ما قام به يعتبر اغتصاباً من وجهة قانونية، وهنا تحديداً تتركز إحدى الأفكار المميزة للفيلم والتي ترسم الفرق بين نظرة الأب الناضج وبين نظرة ابنته المراهقة الحالمة التي استسلمت بالكامل لأول رجل يعبر لها عن حبه. أما الفكرة الأجمل التي يقدمها الفيلم فهي التي قالتها الطبيبة النفسية التي بدأت الفتاة الضحية بزيارتها بعد الحادثة؛ إذ قالت إن الأب والأم والأهل عموماً لا يمكن أن يحرسوا أبناءهم من كل أذى وليس من المنطق تقييد حرية الأبناء تحت ذريعة حمايتهم من الخطر، لأن الخطر وارد حدوثه في أي لحظة. إن الدور المهم للأهل هو الدعم والمساندة بعد وقوع الأذى، وهذا ما لم يقم به الأب حين انشغل بمطاردة المجرم متجاهلاً الانهيار النفسي لابنته الصغيرة.