قبل شهر كتبت مقالاً بعنوان ( من يتحمل نمو القروض الاستهلاكية؟ ) بعد أن وصلت هذه القروض معدلا قياسيا حيث بلغت قروض الأفراد في عام 2011م 217.5 مليار ريال وطالبت حينذاك مؤسسة النقد ساما بإعادة النظر في طرق احتساب البنوك للفوائد من التراكمية إلى المتناقصة لكي تكون عادلة ومنقذة للكثير من المواطنين المقترضين الذين أمسوا ضحية لهذه القروض وفوائدها المرتفعة، في يوم الجمعة الماضي ورد في الملحق الاقتصادي لصحيفتنا "الرياض" تقرير عن حجم الودائع البنكية في بنوك المملكة لعام 2011م حيث أشار التقرير الى ارتفاع حجم هذه الودائع إلى 1125 مليار ريال أي فوق التريليون ريال وهذا الرقم يعادل ميزانية الدولة بضخامتها بحوالي مرتين وبزيادة نمو سنوية منذ بداية العام تبلغ 14.23% وقد ذكر التقرير أن معدل نمو القروض التي قدمتها البنوك للقطاع الخاص منذ بداية العام إلى 10.9% ليصل الرصيد الإجمالي منها إلى 824 مليار ريال، الجميع يعرف أن كل هذه البنوك تجارية ولا تمنح ريالا واحدا كقرض بدون فائدة سواء للقطاع الخاص أو حتى للحكومة أو للأفراد، وإذا افترضنا أن هذا حق متاح لها على أساس إنها تعمل بأسس تجارية وإن اختلفنا معها كما ذكرت مسبقاً على ارتفاع نسبة الفائدة من خلال طرق الاحتساب المتراكم، ولكن نحن نعرف انه بكل بنوك العالم (عدا المملكة) بسبب الأحكام الإسلامية وتحريم الفائدة الربوية، يحصل المودعون لأي مبلغ في هذه البنوك على فائدة على رأس المال المودع حسب قيمته وحسب سعر الفائدة المعطى والسائد، على عكس مجانية الأموال المودعة في بنوكنا المحلية التي لا يستفيد منها المودع غير الضمان فقط، وتقوم هذه البنوك بالتأكيد باستثمار هذه الأموال لصالحها وليس للمودع أية مصلحة، المهم ان البنك يضمن إعادة المبلغ للمودع تحت الطلب بأي وقت يشاء، حيث تلزم مؤسسة النقد بتخصيص هذه البنوك لاحتياطيات لا تقل عن 15% من الأموال المودعة لمواجهة السحوبات من الإيداعات، إذا طالما ان بنوكنا لا تقرض اي ريال إلا بفائدة وحين يتم الإيداع الداخلي فيها لا تتحمل أي نسبة فائدة ولا تتحمل ريالا واحدا، ألا يعتبر هذا إجحافا بحق المودع والمقترض؟ كيف يسمح للبنك نفسه أن يحصل على مبلغ وعائد من هذه الأموال عند استثمارها وفي نفس الوقت يأخذ فائدته عند أي ريال يقترضه المواطن منها؟ عندما نحسب نسبة فائدة هذه الودائع الضخمة التي تتجاوز تريليون ريال بأقل نسب فائدة أي اقل من 1% فان إجمالي تلك الفوائد قد تبلغ أكثر من 11 مليار ريال ويعتبر جزءا من هذه الفوائد الخاصة بودائع الأفراد كمكرمة إجبارية! من المواطنين لهذه البنوك وهم في الأساس الأحق بها، في الوقت نفسه على تلك القروض البالغة 217.5 مليار على الأفراد مبالغ وفوائد كبيرة جداً لا يمكن للبنوك التنازل عن ريال واحد منها حتى لو يصل الأمر للقضاء! وبالمناسبة لا نعرف كم حجم هذه الفوائد، وحبذا لو تتكرم مؤسسة النقد الإفصاح عنها في زمن الشفافية لأنه يستحيل على البنوك إعلانها خوفاً من الحسد والعين! ومن هنا هل يحق لنا أن نطالب مؤسسة النقد العربي السعودي بمحافظها الجديد الدكتور فهد المبارك أن تدرس وتأخذ بالاعتبار خسائر المواطن من عدم الحصول على عوائد لهذه الودائع الضخمة للامتناع عنها بسبب الربا المحرم، والتي تستفيد منها البنوك السعودية وحدها، وبشكل استثنائي أعطاها الميزة التنافسية وتحقيق هذه الارباح التي تجاوزت 23 مليار ريال لعام واحد فقط 2010م ، وهل يمكن أن تحتسب هذه الفوائد التي تحققها البنوك من الودائع وبدون مقابل في تخفيض تلك الفوائد العالية على قروض الأفراد؟ هذا سؤال مطروح لمؤسسة النقد للإجابة عليه، وهي المعنية بالحفاظ على حقوق العملاء والمقترضين والمودعين، باعتبارهم مواطنين إن اقترضوا أرهقتهم الديون والفوائد، وان لم يقترضوا وبقوا على حالهم عانوا من الحاجة والتضخم وارتفاع تكاليف المعيشة والله المستعان.